أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٤٦١
النطفة والمرور بمراحل التكون البشري من جديد ليصير إنسانا مرة أخرى، وأين هذا من الرجعة وعود الروح إلى البدن الكامل من جميع الجهات من دون أن يكون فيها رجوع من القوة إلى الفعلية، أو دخول روح في بدن آخر، إنسانا كان أو حيوانا؟!
اتفقت الشيعة على بطلان التناسخ وامتناعه، وقد كتبوا فيه مقالات ورسائل يقف عليها من كان له إلمام بكتبهم وعقائدهم، وقد ذكروا أن للتناسخ أنواعا وأقساما، غير أن الرجوع إلى الدنيا من خلال دخول الروح إلى البدن الذي فارقه عند الموت لا يعد تناسخا، وإنما هو إحياء للموتى، الذي كان معجزة من معاجز المسيح.
كل ذلك يدل على أنه ليس أمام القول بالرجعة عراقيل وموانع، وإنما هو أمر ممكن لو دل عليه الدليل القطعي نأخذ به وإلا فنتركه في سنبله، والحال أن بعض الآيات والروايات تدل على أنه سيتحقق الرجوع إلى هذه الدنيا قبل يوم القيامة لبعض الناس على وجه الإجمال، وأما من هم؟ وفي أي وقت يرجعون؟ ولأي غرض يعودون إلى الدنيا؟ فليس هنا مقام بيانها، إنما نكتفي ببيان بعض الآيات الدالة على وقوعه قبل البعث، وإليك الآيات.
قال سبحانه: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون * ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون} (1).
لا يشك من أمعن النظر في سياق الآيات وما ذكره المفسرون حولها، في أن الآية الأولى تتعلق بالحوادث التي تقع قبل يوم القيامة، وعليه تكون الآية الثانية

(١) النمل: ٨٢ - 83.
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»