بالكتاب بعد أيام وقال: لو كان معنى البداء هو الذي يذكره صاحب الكتاب فهو من صميم عقيدة أهل السنة ولا يخالفون الشيعة في هذا المبدأ أبدا.
ولتوضيح حقيقة البداء نأتي بمقدمات:
الأولى: اتفقت الشيعة على أنه سبحانه عالم بالحوادث كلها غابرها وحاضرها، ومستقبلها، لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء، فلا يتصور فيه الظهور بعد الخفاء، ولا العلم بعد الجهل، بل الأشياء دقيقها وجليلها، حاضرة لديه، ويدل عليه الكتاب والسنة المروية عن طريق أئمة أهل البيت - مضافا إلى البراهين الفلسفية المقررة في محلها -.
أما من الكتاب:
فقوله سبحانه: {إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء} (1).
وقوله تعالى: {وما يخفى على الله من شئ في الأرض ولا في السماء} (2).
وقوله سبحانه: {إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شئ عليما} (3) كيف وهو محيط بالعالم صغيره وكبيره، مادية ومجرده، والأشياء كلها قائمة به قياما قيوميا كقيام المعنى الحرفي بالاسمي والرابطي بالطرفين، ويكفي في توضيح ذلك قوله سبحانه: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير} (4).