أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٨٨
ويخر لله ساجدا، فلا يرفع رأسه من الدعاء والتحميد حتى يقرب زوال الشمس.
كان يدعو كثيرا فيقول: " اللهم إني أسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب "، ويكرر ذلك.
وكان من دعائه (عليه السلام): " عظم الذنب من عبدك، فليحسن العفو من عندك ".
وكان يبكي من خشية الله حتى تخضل لحيته بالدموع.
وكان أوصل الناس لأهله ورحمه.
وكان يتفقد فقراء المدينة في الليل، فيحمل إليهم الزنبيل فيه العين والورق والأدقة والتمور، فيوصل إليهم ذلك ولا يعلمون من أية جهة هو (1).
4 - في تحف العقول للحسن بن علي بن شعبة: قال أبو حنيفة: حججت في أيام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) فلما أتيت المدينة دخلت داره فجلست في الدهليز أنتظر إذنه، إذ خرج صبي فقلت: يا غلام أين يضع الغريب الغائط من بلدكم؟ قال: " على رسلك "، ثم جلس مستندا إلى الحائط، ثم قال: " توق شطوط الأنهار، ومساقط الثمار، وأفنية المساجد، وقارعة الطريق، وتوار خلف جدار، وشل ثوبك، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، وضع حيث شئت " فأعجبني ما سمعت من الصبي فقلت له: ما اسمك؟ فقال: " أنا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب " فقلت له: يا غلام ممن المعصية؟ فقال: " إن السيئات لا تخلو من إحدى ثلاث: إما أن تكون من الله وليست من العبد، فلا ينبغي للرب أن يعذب العبد على ما لا يرتكب، وإما أن تكون منه ومن العبد - وليست كذلك - فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف، وإما أن تكون من العبد - وهي منه - فإن عفا فكرمه وجوده، وإن عاقب فبذنب العبد وجريرته ".
قال أبو حنيفة: فانصرفت ولم ألق أبا عبد الله واستغنيت بما سمعت.

(1) الإرشاد: 296.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»