الدنيا، والاقتداء بهداه يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوة، وطهارة أفعاله تصدع أنه من ذرية الرسالة. نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من أعيان الأئمة وأعلامهم، مثل: يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وأبو حنيفة، وشعبة، وأبو أيوب السجستاني (1) وغيرهم، وعدوا أخذهم عنه منقبة شرفوا بها، وفضيلة اكتسبوها (2).
ذكر أبو القاسم البغاء في مسند أبي حنيفة: قال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة وقد سئل: من أفقه من رأيت؟ قال: جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد، فهيئ لي من مسائلك الشداد، فهيأت له أربعين مسألة، ثم بعث إلي أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته، فدخلت عليه، وجعفر جالس عن يمينه، فلما بصرت به، دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلمت عليه، فأومأ إلي فجلست، ثم التفت إليه فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة. قال: نعم أعرفه، ثم التفت إلي فقال: يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله من مسائلك، فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا، فربما تابعنا وربما تابعهم، وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على الأربعين مسألة، فما أخل منها بشئ. ثم قال أبو حنيفة:
أليس أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس (3).
عن مالك بن أنس: جعفر بن محمد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على