ولقد بلغ دور المنافقين التخريبي من الشدة بحيث تعرض القرآن لذكرهم في سور عديدة هي: سورة آل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، والعنكبوت، والأحزاب، ومحمد (صلى الله عليه وآله)، والفتح، والمجادلة، والحديد، والمنافقون، والحشر.
فهل مع وجود مثل هؤلاء الأعداء الخطرين والأقوياء الذين كانوا يتربصون بالإسلام الدوائر، ويتحينون الفرص للقضاء عليه، يصح أن يترك رسول الله أمته الحديثة العهد بالإسلام، الجديدة التأسيس من دون أن يعين لهم قائدا دينيا سياسيا؟!!
إن المحاسبات الاجتماعية تقول: إنه كان من الواجب أن يمنع رسول الإسلام بتعيين قائد للأمة،... من ظهور أي اختلاف وانشقاق فيها من بعده، وأن يضمن استمرار وبقاء الوحدة الإسلامية بإيجاد حصن قوي وسياج دفاعي متين حول تلك الأمة.
إن تحصين الأمة، وصيانتها من الحوادث المشؤومة، والحيلولة دون مطالبة كل فريق " الزعامة " لنفسه دون غيره، وبالتالي التنازع على مسألة الخلافة والزعامة، لم يكن ليتحقق، إلا بتعيين قائد للأمة، وعدم ترك الأمور للأقدار.
إن هذه المحاسبة الاجتماعية تهدينا إلى صحة نظرية " التنصيص على القائد بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) " ولعل لهذه الجهة ولجهات أخرى طرح رسول الإسلام مسألة الخلافة في الأيام الأولى من ميلاد الرسالة الإسلامية، وظل يواصل طرحها والتذكير بها طوال حياته حتى الساعات الأخيرة منها، حيث عين خليفته ونص عليه بالنص القاطع الواضح الصريح في بدء دعوته، وفي نهايتها أيضا.
وإليك بيان كلا هذين المقامين: