أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٢٩
وإليك بيان وتوضيح هذا المطلب:
لقد كانت الإمبراطورية الرومانية أحد أضلاع الخطر المثلث الذي يحيط بالكيان الإسلامي، ويهدده من الخارج والداخل، وكانت هذه القوة الرهيبة تتمركز في شمال الجزيرة العربية، وكانت تشغل بال النبي القائد على الدوام، حتى إن التفكير في أمر الروم لم يغادر ذهنه وفكره حتى لحظة الوفاة، والالتحاق بالرفيق الأعلى.
وكانت أول مواجهة عسكرية بين المسلمين والجيش المسيحي الرومي وقعت في السنة الثامنة من الهجرة في أرض فلسطين، وقد أدت هذه المواجهة إلى استشهاد القادة العسكريين البارزين الثلاثة وهم: " جعفر الطيار " و " زيد بن حارثة " و " عبد الله بن رواحة "، ولقد تسبب انسحاب الجيش الإسلامي بعد استشهاد القادة المذكورين إلى تزايد جرأة الجيش القيصري المسيحي، فكان يخشى بصورة متزايدة أن تتعرض عاصمة الإسلام للهجوم الكاسح من قبل هذا الجيش.
من هنا خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) في السنة التاسعة للهجرة على رأس جيش كبير جدا إلى حدود الشام ليقود بنفسه أية مواجهة عسكرية، وقد استطاع الجيش في هذا الرحلة الصعبة المضنية أن يستعيد هيبته الغابرة، ويجدد حياته السياسية.
غير أن هذا الانتصار المحدود لم يقنع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأعد قبيل مرضه جيشا كبيرا من المسلمين، وأمر عليهم " أسامة بن زيد "، وكلفهم بالتوجه إلى حدود الشام، والحضور في تلك الجبهة.
أما الضلع الثاني من المثلث الخطير الذي كان يهدد الكيان الإسلامي، فكان الإمبراطورية الإيرانية (الفارسية) وقد بلغ من غضب هذه الإمبراطورية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعاداتها لدعوته، أن أقدم إمبراطور إيران " خسرو برويز " على
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»