أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٣٠
تمزيق رسالة النبي (صلى الله عليه وآله)، وتوجيه الإهانة إلى سفيره بإخراجه من بلاطه، والكتابة إلى واليه وعامله على اليمن بأن يوجه إلى المدينة من يقبض على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أو يقتله إن امتنع.
و " خسرو " هذا وإن قتل في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أن استقلال اليمن - التي رزحت تحت استعمار الإمبراطورية الإيرانية ردحا طويلا من الزمان - لم يغب عن نظر ملوك إيران آنذاك، وكان غرور أولئك الملوك وتجبرهم وكبرياؤهم لا يسمح بتحمل منافسة القوة الجديدة (القوة الإسلامية) لهم.
والخطر الثالث كان هو خطر حزب النفاق الذي كان يعمل بين صفوف المسلمين كالطابور الخامس على تقويض دعائم الكيان الإسلامي من الداخل إلى درجة أنهم قصدوا اغتيال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في طريق العودة من تبوك إلى المدينة.
فقد كان بعض عناصر هذا الحزب الخطر يقول في نفسه: إن الحركة الإسلامية سينتهي أمرها بموت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورحيله، وبذلك يستريح الجميع (1).
ولقد قام أبو سفيان بن حرب بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكيدة مشؤومة لتوجيه ضربة إلى الأمة الإسلامية من الداخل، وذلك عندما أتى عليا (عليه السلام) وعرض عليه أن يبايعه ضد من عينه رجال السقيفة، ليستطيع بذلك تشطير الأمة الإسلامية الواحدة إلى شطرين متحاربين متقاتلين، فيتمكن من التصيد في الماء العكر.
ولكن الإمام عليا (عليه السلام) أدرك بذكائه البالغ نيات أبي سفيان الخبيثة، فرفض مطلبه وقال له كاشفا عن دوافعه ونياته الشريرة:
" والله ما أردت بهذا إلا الفتنة، وإنك - والله - طالما بغيت للإسلام شرا.
لا حاجة لنا في نصيحتك " (2).

(١) أشارت إلى ذلك الآية الكريمة ٣٠ من سورة الطور: {أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون}.
(٢) الكامل في التاريخ ٢: ٢٢٢، العقد الفريد 2: 249.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»