وثانيا: من الواضح أن أمير المؤمنين عليه السلام يحتج على معاوية بأنه أطاع أبا بكر وعمر وعثمان واعترف بخلافتهم بسبب بيعة المهاجرين والأنصار لهم، ونفس هذا السبب موجود في بيعة أمير المؤمنين عليه السلام. فقوله عليه السلام: (فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضى) ليس صريحا في إعطاء الشرعية لمن يبايعه المهاجرون والأنصار، حتى يكون معارضا للنص النبوي!
ولو سلمنا واعتبرنا أنه يعطي الشرعية لمن أجمع المهاجرون والأنصار على بيعته فمعناه فرض أن تجتمع الأمة بمهاجريها وأنصارها على بيعة شخص، وهم الأمة الإسلامية في وقتهم التي لا تجتمع على ضلال وفيها أهل البيت عليهم السلام، كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله. فكلام أمير المؤمنين عليه السلام كلام فرضي قاله ليبين لمعاوية أنه من الطلقاء الذين ليسوا من الأمة التي إجماعها حجة لامن مهاجريها ولا أنصارها، ولا مخالفتهم تضر بإجماعها.
وهذا الإجماع الفرضي لم يحصل من الأمة على خلافة أحد لا خلافة أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي عليه السلام. فإن مخالفة شخص واحد تبطل تحقق الإجماع، وقد خالف بيعة كل واحد منهم عدد من الأمة.
(قال السيد النقوي الهندي في خلاصة عبقات الأنوار: 3 / 299: