ثالثا: إن الشورى تعبر في الحقيقة عن ممارسة للأمة بشكل وآخره للسلطة عن طريق التشاور وتقرير مصير الحكم، فهي مسؤولية تتعلق بعدد كبير من الناس هم كل الذين تشملهم الشورى، وهذا يعني أنها لو كانت حكما شرعيا يجب وضعه موضع التنفيذ عقيب وفاة النبي (ص) لكان لا بد من طرحه على أكبر عدد من أولئك الناس، لأن موقفهم من الشورى إيجابي، وكل منهم يتحمل قسطا من المسؤولية.
وكل هذه النقاط تبرهن على أن النبي (ص) في حالة تبنيه لنظام الشورى كبديل له بعد وفاته يتحتم عليه أن يطرح فكرة الشورى على نطاق واسع وبعمق، وبإعداد نفسي عام، وملأ لكل الثغرات وإبراز لكل التفاصيل التي تجعل الفكرة عملية، وطرح للفكرة على هذا المستوى كما وكيفا وعمقا، لا يمكن أن يمارس من قبل الرسول الأعظم (ص)، ثم تنطمس معالمه لدى جميع المسلمين الذين عاصروه إلى حين وفاته.