وهكذا يبرهن ما تقدم على أن النبي (ص) لم يكن قد طرح الشورى كنظام بديل على الأمة إذ ليس من الممكن عادة أن تطرح بالدرجة التي تناسب مع أهميتها، ثم تختفي اختفاء كاملا عن الجميع وعن كل الاتجاهات.
ومما يوضح هذه الحقيقة بدرجة أكبر أن نلاحظ:
أولا: إن نظام الشورى كان نظاما جديدا بطبيعته على تلك البيئة التي لم تكن قد مارست قبل النبوة، أي نظام مكمتل للحكم، فكان لا بد من توعية مكثفة ومركزة عليه كما أوضحنا ذلك.
ثانيا: إن الشورى كفكر مفهوم غائم لا يكفي طرحه وهكذا، لإمكان وضعه موضع التنفيذ ما لم تشرح تفاصيله وموازينه ومقاييس التفضيل عند اختلاف الشورى، وهل تقوم هذه المقاييس على أساس العدد والكم، أو على أساس الكيف والخبرة، إلى غير ذلك مما يحدد للفكرة معالمها ويجعلها صالحة للتطبيق فور وفاة النبي (ص).