الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٣٦
ومعاوية بكلماته هذه يشير إلى أنه يريد ان يفصل السياسة عن الدين، فهو لا يريد الزام أحد بأحكام الدين، وانما كان اهتمامه بالحكومة فحسب، واستحكام مقوماتها، وبديهي ان مثل هذه الحكومة ملوكية وليست خلافة واستخلافا لمنصب الرسول الكريم (ص). وقد حضر البعض مجلسه، فسلموا عليه بسلام الملوك 1، وكان يعبر في بعض مجالسه الخاصة، عن حكومته بالملوكية، علما بأنه كان يعرف نفسه خليفة في خطبه. والملوكية التي تقام على القوة تتبعها الوراثة، وفي النتيجة كان الأمر كما أراد ونوى، فاستخلف ابنه يزيد، وجعله خليفة له من بعده، وكان شابا لا يتصف بشخصية دينية، إذ قام باعمال وجرائم يندى لها الجبين 3.
فمعاوية مع بيانه السالف، كان يعني انه لم يرغب في أن يصل الحسن (ع) إلى الخلافة بعده أي انه كان يفكر في موضوع الخلافة بشئ آخر، وهو دس السم إلى الحسن (ع) 4 فهو بهذا الامر، قد مهد السبيل إلى ابنه يزيد، ومع الغائه معاهدة الصلح، كان يهدف إلى اضطهاد الشيعة، ولن يسمح لهم بالحياة المطمئنة، أو ان يستمروا كما في السابق في نشاطهم الديني، ووفق في هذا المضمار أيضا 5.
وصرح معاوية في خصوص مناقب أهل البيت، بأن كل ناقل لحديث في هذا الشأن لم يكن بمأمن في حياته وماله وعرضه 6، وامر ان تعطى الهدايا

١) تاريخ اليعقوبي ج ٢: ١٩٣.
٢) تاريخ اليعقوبي ج ٢: ٢٠١.
٣) كان يزيد صاحب طرب وجوار وكلاب وقرود ومنادمة على الشراب وكان له قرد يكنى بأبي قيس يحضره مجلس منادمته ويطرح له متكأ، فجاء في بعض الأيام مسابقا فتناول القصبة ودخل الحجرة قبل الخيل وعلى أبي قيس قباء من الحرير الأحمر مروج الذهب ج ٣: ٦٧.
٤) مروج الذهب ج ٣: ٥ / أبي الفداء ج ١: ١٨٣.
٥) النصائح الكافية ص ٧٢ نقلا عن كتاب الاحداث.
٦) روي أبو الحسن المدائني في كتاب الاحداث قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة جاء فيه: انه برئت الذمة ممن روى شيئا في فضل أبي تراب وأهل بيته، كتاب النصائح الكافية تأليف محمد بن عقيل طبع النجف سنة ١٣٨٦ هجري. ص ٧٧، وأيضا النصائح الكافية ص ١٩٤.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»