الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٣٨
فبعض إخواننا أهل السنة يذهبون إلى التوجيه والتأويل في سفك الدماء هذه، وما شابهها من اعمال إجرامية، كان يقوم بها بعض الصحابة، وخاصة معاوية، مبررين أعمالهم ومواقفهم هذه، بأنهم من صحابة الرسول (ص) ووفقا للأحاديث المروية عنه (ص)، ان الصحابة مجتهدون معذورون، وان الله جل وعلا راض عنهم، لكن الشيعة ترفض هذا بأدلة:
أولا: يستحيل على قائد كالنبي (ص) الذي نهض لا حياء الحق والحرية والعدالة الاجتماعية، واتبعه جمع من الناس، فضحوا بما لديهم في سبيل تحقق هذا الهدف المنشود، وعند تحققه، يترك العنان لهم، ويمنحهم الحرية المطلقة، امام الاحكام المقدسة، كي يقوموا بأي عمل شاؤوا، وهذا يعني ان ينهار البناء الشامخ بتلك الأيدي التي ساهمت في اقامته وتشييده.
ثانيا: ان الروايات التي تقدس الصحابة وتنزههم، وتصحح أعمالهم غير المشروعة وتوجهها، وتعتبرهم من الذين قد كفر الله عنهم سيئاتهم، وانهم مصونون وما إلى ذلك، هذه الروايات قد وضعت من قبل هؤلاء الصحابة أنفسهم، والتاريخ يشهد ان الصحابة، لم يكن أحدهم ليحترم الآخر. ولم يغض النظر عن أعماله القبيحة، وانما كان يشهر به ويعرفه للملاء. فقد قام بعضهم بالقتل الجماعي واللعن والسب وفضح الآخرين، ولم تكن هناك أية مسامحة أو اغماض فيها بينهم.
ووفقا لما ذكرنا فان الصحابة يشهدون ان هذه الروايات غير صحيحة، وإذا ما تحققت صحتها فان المراد منها معنى آخر، غير التنزيه والتقديس القانوني للصحابة.
ولو قدر ان الله سبحانه وتعالى قد مدحهم ورفع شأنهم في بعض آياته 1، فان هذا يدل على ما قدموه من خدمات في سابق حياتهم، وتنفيذا

1) سورة التوبة الآية 100.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»