الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢٨
وبعد معركة اليمامة والتي انتهت في سنة 12 للهجرة بمقتل جمع من الصحابة كانوا من حفظة القرآن، يقترح عمر بن الخطاب على الخليفة الأول ان يجمع القرآن في مصحف، ويبين الهدف والغرض في اقتراحه بقوله: إذا ما حدثت معركة أخرى، واشترك فيها بقية حملة القرآن وحفظته، فسوف يذهب القرآن من بين أظهرنا، اذن يسلتزم جمع آيات القرآن في مصحف، تكتب آياته، 1 فنفذوا هذا الاقتراح بالنسبة للقرآن الكريم.
ومع أن الأحاديث النبوية هي التالية للقرآن، وكانت تواجه نفس الخطر، ولم تكن بمأمن من خطر نقل الحديث معنى، دون الالتفات إلى النص، وكذا الزيادة والنقصان، والتحريف والنسيان، وما إلى ذلك من الاخطار التي كان يواجهه الحديث، فلم توجه عناية أو رعاية لحفظه وصيانته، بل كان كتابة الحديث ممنوعا، وإذا ما حصلوا على شئ منه فكان يلقى في النار.
ولم تمض فترة من الزمن حتى ظهر التضاد في المسائل الاسلامية الضرورية كالصلاة، ولم يطرأ تقدم في بقية الفروع العلمية في هذه الفترة، في حين نرى القرآن الكريم يشجع المشتغلين بالعلم، وأحاديث النبي الكريم تؤيد ذلك، فلم ير لتلك الآيات والأحاديث مصداقا في الخارج، وانصرف أكثر الناس بالفتوحات المتعاقبة، وأعجبوا بالغنائم المتزايدة، والتي كانت تتدفق إلى الجزيرة العربية من كل صوب وحدب، ولم يكن هناك اهتمام بعلوم سلالة الرسالة ومعدن الوحي، وفي مقدمتهم علي عليه السلام. والنبي (ص) قد صرح معلنا ان عليا أعرف الناس بالعلوم الاسلامية، والمفاهيم القرآنية، ولم يسمحوا له بالمشاركة في جمع القرآن (وهم على علم من أن عليا بعد وفاة النبي (ص)

١) تاريخ اليعقوبي ج ٢: ١١١ / الطبري ج 3: 129 - 132.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»