ينزهوا من الخيانة، وتتحول العدالة التي تمنح الحرية الاسلامية إلى ملوكية موروثة مستبدة، كملوكية كسرى وقيصر، وتتعرض التعاليم الاسلامية المنزهة إلى تحريف، كتعاليم الأديان السماوية الأخرى، ولا تكون بمأمن من العلماء الذين قد ركبوا أهواءهم.
فالشخص الوحيد الذي قد نهج نهج الرسول (ص) في أعماله وأفعاله، وكان سديدا في سيرته، متبعا لكتاب الله تعالى وسنة نبيه (ص) اتباعا كاملا هو الإمام علي 1 (ع).
وإذا كانت الأكثرية تدعي ان قريشا تعارض حكومة علي (ع) الحقة وخلافته، كان لزاما عليهم ان يوجهوا المخالفين التوجيه الحسن، وان يرشدوهم إلى طريق الحق والصواب، كما صنعوا مع ممتنعي الزكاة، فحاربوهم، ولم يتوانوا عن اخذ الزكاة منهم، لا ان يدحضوا الحق خوفا من مخالفة قريش.
نعم، ان الدافع الذي دفع الشيعة للمعارضة امام الخلافة الانتخابية، هو الخوف من عواقبه الوخيمة الا وهو فساد وسقم الطريقة التي ستتخذها الحكومة الاسلامية، وما يلازمها من انهدام الأسس العالية للدين، وقد أوضحت الحوادث المتتالية صحة هذه العقيدة بمرور الزمان والأيام، أكثر فأكثر، مما أدى بالشيعة إلى أن تكون ثابتة في عقيدتها، مؤمنة بأهدافها، علما بأنها قد كانت أقلية الا ان هذه الأقلية قد ذابت في الأكثرية ظاهرا، ولكنها بقيت تستلهم التعاليم الاسلامية من أهل البيت باطنا، وكانت متفانية في نهجها وطريقها. وفي الوقت ذاته كانت تسعى في التقدم والرقي، والحفاظ على قدرة الاسلام وعظمته، فلم تبد مخالفتها علنا وجهارا، وكانت الشيعة تذهب إلى الجهاد سيرا مع الأكثرية، ولم يتدخلوا في الأمور العامة، والإمام علي (ع) كان يرشد الأكثرية لما فيه نفع الاسلام 2، ومصلحة المسلمين.