القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ٢٣
خاطبني وبشرني بإكرامي وقبولي في زمن اليأس، وقال: يحمدك الله في عرشه " وغير ذلك من التفاهات (1).
ولما رأى أن الحملة عليه شعواء، وأن الأقلام قد أوقفت على محاربته ودحض شبهاته ومزاعمه، وكشف أمره وحقيقته، وإعلان خروجه عن الإسلام، أعلن تمسكه بالشريعة الإسلامية والقرآن والسنة، وأن نبوته ظلية - حسب تعبيره - وهي انعكاس لنبوة الرسول، لاعتقاده بالحلول والتناسخ ووحدة الوجود (2)، فهو يرى أن مراتب الوجود دائرة تضم الله والأنبياء والبشر، فالله يحل في الأنبياء، وبدوران الوجود داخل النبوة تنتقل الروح من فرد لآخر لا فرق بين سابق ولاحق، ويكون الأنبياء نبيا واحدا، وباتصال أطراف هذا الوجود بعضها بالبعض الآخر يكون الأنبياء جزءا منها، والانسان، جزءا آخر من هذه الوحدة التي تضم ملكوت السماء والأرض، فكمالات الأنبياء المتفرقة قد تجمعت في شخص النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وانعكست ظليا فيه.

(1) مواهب الرحمن / 14 و 49 و 50 و 66 و 69 وغيرها.
(2) ظهرت نظرية وحدة الوجود في الفلسفة الهندية قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وتبلورت سنة 600 ق. م. فقد وردت في الكتاب الهندوكي " البوبا نيشاد " ويلفظه بعضهم " أو بانيسهاد " وخلاصتها هناك: إن الإنسان والحيوانات وسائر الكائنات كلها أجزاء أو شظايا ل‍ " براهما " = " رب العالمين " الذي خلقهم جميعا، ولهذا فإن " براهما " والكائنات شئ واحد ووجود واحد، ولا يمكن تصور وجود الإنسان والكائنات خارج وجود " براهما " الذي هو سيد الكون. ومعناه إن الله - تعالى عما يقوله الظالمون علوا كبيرا - يكون واحدا إذا فرضنا وجوده منفردا، ويكون مركبا من أجزاء إذا أضفنا إليه الإنسان والمخلوقات والكائنات.
وقد أخذت هذه النظرية طريقها إلى الفلسفة اليونانية وتجلت في المدرسة الأفلاطونية التي أنشأت في " الإسكندرية " في القرن الثالث للميلاد، ثم أخذت طريقها إلى الفلسفة الإسلامية وظهرت لدي المتصوفة في القرن الثالث الهجري تقريبا، وأبرز مثلها هو الحسين الحلاج المقتول سنة 309 ه‍ = 922 م.
والغريب أن يتوسع الأستاذ محمد فريد وجدي في الكلام عن القائلين ب‍ " وحدة الوجود " من شعوب الهند والصين ومصر واليونان وأوروبا، ولا يتعرض إلى ذكرها عند المسلمين ولا بنحو الإشارة.
أنظر: " دائرة معارف القرن الرابع عشر = العشرين 10 / 706 ".
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست