مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٥٠
- فإن قلت: قد روي في الكافي (1) والفقيه عن عبد الرحيم القصير، قال: دخلت، على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت: جعلت فداك، إني اخترعت دعاء قال (عليه السلام) دعني من اختراعك إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وصل ركعتين تهديهما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله). الحديث.
فقد أمر الصادق (عليه السلام) بترك الدعاء المخترع.
قلت: إن هذا الأمر ليس على سبيل الحتم والالزام، بقرينة ما تقدم من الأدلة على جواز الدعاء بكل نحو من الكلام بل المراد بيان الأفضل وهو ما أخذ عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فإن أفضلية الدعوات المأثورة عنهم مما لا ريب فيه، ولا كلام لأنهم العارفون بصفات الخالق المتعال، وكيفية المسألة والمناجاة والتذلل له عز وجل وما ورد عنهم آكد تأثيرا، وأسرع إجابة البتة، ومنهم تعلمت الملائكة التسبيح والتقديس، كما ورد في الحديث.
السابع: هل يكفي إخطار الدعاء بالجنان من دون إظهار باللسان؟ الظاهر عدم الكفاية، لعدم صدق العنوان عند أهل العرف واللسان.
- فإن قلت: قد روى في أصول الكافي (2) بسند صحيح عن زرارة عن أحدهما، يعني الباقرين (عليهما السلام)، قال: لا يكتب الملك إلا ما سمع وقال الله عز وجل * (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة) * فلا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غير الله عز وجل لعظمته انتهى.
فكما أن الذكر بالقلب يكون ذكرا ويثاب عليه فكذلك الدعاء لأنه من أقسام الذكر.
قلت: الدعاء أخص من الذكر ولما كان الذكر مقابلا للغفلة والذهول، صدق على الذاكر بالقلب، أنه ذاكر لله تعالى، والدعاء مقابل للسكوت، فلا يصدق إلا بإجرائه على اللسان. كما نبهنا عليه في أول العنوان.
الثامن: قال الشيخ الكبير في كشف الغطاء: الدعاء قائما أفضل من الجلوس والجلوس من الاضطجاع.
التاسع: قد تقدم أن الدعاء بما روي عن الأئمة المعصومين أفضل وأولى، لما سبق في الأمر السادس، مضافا إلى ما ورد في الآيات والروايات، من الأمر باتباعهم، وأخذ العلم وكيفية الطاعة والعبادة عنهم كقول الله تعالى * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني) * وقوله تعالى

١ - الكافي: ٣ / ٤٧٨ ح ١ الفقيه: ١ / ٥٥٩ ح ١٥٤٨.
٢ - أصول الكافي: ٢ / 502 باب ذكر الله في السر ح 4.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»