مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٥٢
لحديثنا، يشد به في قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد. انتهى ولما كان زرارة أهلا لذلك أمره به وبين أنه أفضل مما سأله.
والحاصل أن الدعاء بالمعنى اللغوي قسمان أحدهما نداء الله تعالى للسؤال منه عز وجل.
والثاني نداء الخلق لدعوتهم، وهدايتهم إلى الله عز وجل فهما فردان للدعاء والراوي لما سأله (عليه السلام) من القسم الأول، وكان من أهل القسم الثاني، حثه عليه وبين له أنه أفضل بقوله (عليه السلام) أفضل الدعاء ما جرى على لسانك وهذا وجه لطيف يظهر للمتدرب المأنوس بكلماتهم، عليهم الصلاة والسلام.
الوجه الثاني: أن يكون المراد بالدعاء ما هو المتداول المعهود، المروي عنهم (عليهم السلام)، يعني أن الأفضل اختيار ما جرى على لسانك من الدعوات المأثورة لأن ذلك إنما يكون بسبب أمر قلبي زمامه بيد الله عز وجل.
الوجه الثالث: أن يكون المراد بما جرى من الدعاء على اللسان ما يكون مقترنا بالخضوع، وحضور القلب فإنه أفضل من الدعاء بغير هذا الحال، وإن كان مأثورا عنهم (عليهم السلام).
فالغرض من هذا الكلام: التنبيه على أن المهم حضور القلب والتوجه التام إلى الملك العلام فإنه المقصود الأصلي من الدعاء، ولما كان الجريان على اللسان ناشئا عما في الجنان، بين المطلب بهذا العنوان، والحاصل أن النسبة بين الدعاء وحضور القلب عموم من وجه، فقد يجتمعان وقد يفترقان، والمطلوب هو الاجتماع سواء كان في الدعاء بالمأثور أم بغير المأثور.
وهذا لا يدل على أفضلية الدعاء بغير المأثور، بل يدل على أفضلية الدعاء المقرون بالخضوع وحضور القلب بأي لفظ كان (1).
العاشر: يجب الترتيب في الأدعية المنقولة عنهم (عليهم السلام) لأنها توقيفية كسائر العبادات فمخالفة الترتيب المأثور عنهم بقصد الورود بدعة بلا شبهة لكن قراءة بعض فقراتها بقصد

1 - الوجه الرابع أنه لما كان زرارة من خواصهم والعالم برموز أقوالهم وأحاديثهم ولا يجري على لسانه إلا بمقتضى مرادهم ومفهوم كلامهم خصه (ع) بهذه الخصوصية وفضله بتلك الأفضلية (محمد الموسوي).
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»