مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٤٤٦
آخر فتذاكرا أمرنا، فإن ثالثهما ملك يستغفر لهما، وما اجتمع اثنان على ذكرنا إلا باهى الله تعالى بهما الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر، فإن في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياءنا، وخير الناس من بعدنا من ذاكر بأمرنا، ودعا إلى ذكرنا.
أقول: وجه الدلالة أن الاشتغال بالدعاء لمولانا صاحب الزمان (عليه السلام) من أجلى أفراد الذكر وأحلاها، وفقنا الله تعالى وسائر المؤمنين.
الثالثة والستون ما يستفاد من الرواية المذكورة وهو أن الداعي في هذا الأمر يكون خير الناس، لكونه ممن يذاكر بأمرهم (عليهم السلام) فإن المراد من المذاكرة بأمرهم ذكرهم وذكر ما يتعلق بهم، وبشؤونهم، صونا عن انمحاء اسمهم، وانطماس آثارهم إذ لا ريب أن بقاء الدين لا يكون إلا بذلك كما لا يخفى على العارف السالك، وقد ظهر من ذلك كون هذا العمل أفضل من سائر الأعمال المندوبة، خصوصا في زمان الغيبة فتدبر جيدا. ثم لا يخفى أن من أجلى أنواع الذكر لهم وأفضلها أيضا ذكر صفات مولانا الغائب عن الأبصار، وما له من الخصائص والعلائم والآثار، ليكون تبصرة لأولي الاعتبار.
واعلم أن تلك المكارم الثلاثة إنما تحصل للمؤمن بالدعاء في حق مولانا صاحب الزمان (عليه السلام)، إذا كان ذلك في مجامع المؤمنين، فإن في اجتماعهم خصوصيات ليس تحصل إلا به ومن تلك الخصوصيات إحياء أمرهم، وإعلاء كلمتهم ونشر أسمائهم والدعوة إليهم، واتفاق المؤمنين على نصرتهم، والدعاء لهم ولتعجيل فرجهم صلوات الله عليهم أجمعين.
الرابعة والستون أنه إطاعة لأولي الأمر: وهو أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عز وجل قال الله عز وجل (1) * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * الآية.
فههنا مطالب:
أحدها: أن المراد بأولي الأمر في الآية المباركة الأئمة الأطهار (عليهم السلام).

(٤٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 ... » »»