مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٤٤٣
ويدل على ذلك عدة روايات:
- منها: ما في المجلد الأول من البحار (1) عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: إذا مررتم في رياض الجنة فارتعوا، قالوا: يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر فإن لله سيارات من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فإذا أتوا عليهم حفوا بهم. انتهى.
أقول: يستفاد من هذا الحديث الشريف، والكلام اللطيف، أمور:
أحدها: كون مجالس الذكر من رياض الجنة وهذا إما من باب تسمية السبب باسم المسبب، لكون الجلوس في تلك المجالس سببا لدخول الجنة.
وإما من باب كون تلك المجالس جنة حقيقية، بأن يكون المراد بالجنة دار القرب، ومنازل الأبرار.
ويؤيده التعليل بقوله (صلى الله عليه وآله): فإن لله تعالى سيارات من الملائكة (الخ).
وبعبارة أخرى: الجنة محل ألطاف الله، ودار كرامته فإذا كان العبد من أهلها فهو في الجنة في الدنيا، وفي القبر، وفي البرزخ وفي القيامة وما بعدها.
- ويؤيد هذا المعنى أيضا ما ورد أن القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران إذ لا يخفى أن القبر الواقع في الأرض غير الجنة الموعودة، الواقعة في السماء كما ورد في الأخبار، ويمكن أن يكون المراد بالجنة: الجنة المعهودة، ويكون التعبير بها عن حلق الذكر، من باب الاستعارة ووجه الشباهة ما ذكرناه، من كونها دار القرب، ومحل الكرامة، والله العالم.
الأمر الثاني: مما يستفاد من الخبر الشريف استحباب اجتماع المؤمنين للذكر والدعاء ويشهد لذلك روايات:
- منها: ما في أصول الكافي (2) بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما اجتمع ثلاثة من المؤمنين فصاعدا، إلا حضر من الملائكة مثلهم، فإن دعوا بخير أمنوا، وإن استعاذوا من شر دعوا الله ليصرفه عنهم، وإن سألوا حاجة تشفعوا إلى الله وسألوه قضاءها، الخبر.

١ - بحار الأنوار: ١ / ٢٠٥ باب ٤ ذ ح ٣٤.
٢ - الكافي: ٢ / 187 / ح 6.
(٤٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 ... » »»