مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٤٩
مؤمنون، فشركهم فيها فقال في أحد الموضعين: * (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى) * وقال في الموضع الآخر: * (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها) *.
ولما كان في هذا الموضع خصه وحده بالسكينة، وقال * (فأنزل الله سكينته عليه) * فلو كان معه مؤمن لشركه معه في السكينة على خروجه من الإيمان فلم يحر جوابا، وتفرق الناس واستيقظت من نومي.
الثالث: أن يكون المراد بالأخوة الأخوة في الخلقة الأصلية والطينة الأولية، يعني أن هؤلاء المؤمنين المتصفين بالصفات المذكورة، خلقوا من فاضل طينة النبي والأئمة (عليهم السلام)، فهم أخوة بحسب الطينة الأصلية.
- كما يدل على ذلك ما نقله المجلسي رحمه الله تعالى، في مرآة العقول عن معاني الأخبار للشيخ الصدوق، بإسناده إلى أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) ومعي رجل من أصحابنا فقلت له جعلت فداك يا بن رسول الله، إني لأغتم وأحزن من غير أن أعرف لذلك سببا، فقال: الحزن والفرح يصل إليكم منا لأنا إذا دخل علينا حزن أو سرور كان ذلك داخلا عليكم لأنا وإياكم من نور الله تعالى، فجعلنا وطينتنا وطينتكم واحدة ولو تركت طينتكم كما أخذت لكنا وأنتم سواء، ولكن مزجت طينتكم بطينة أعدائكم، فلولا ذلك ما أذنبتم ذنبا أبدا.
قال: قلت: جعلت فداك فتعود طينتنا ونورنا كما بدأ؟ فقال (عليه السلام): أي والله، يا عبد الله، أخبرني عن هذا الشعاع الزاهر من القرص، إذا طلع أهو متصل به أم بائن منه؟
فقلت له: جعلت فداك، بل هو بائن منه، فقال: أفليس إذا غابت الشمس وسقط القرص عاد إليه فاتصل به، كما بدأ منه، فقلت له: نعم، فقال (عليه السلام): كذلك والله شيعتنا، من نور الله خلقوا، وإليه يعودون والله إنكم لملحقون بنا يوم القيامة، وإنا لنشفع ونشفع، ووالله إنكم لتشفعون فتشفعون، وما من رجل منكم إلا وترفع له نار عن شماله وجنة عن يمينه، فيدخل أحباءه الجنة وأعداءه النار.
قال المجلسي (ره): فتأمل وتدبر في هذا الحديث فإن فيه أسرارا غريبة. إنتهى كلامه رفع مقامه.
(٣٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»