مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٤٥
الله من كل فتنة غبراء مظلمة.
ورواه المجلسي في ثالث عشر البحار (1) مثله.
- وفيه (أي في البحار) (2) في حديث آخر عن عوف بن مالك، قال: قال رسول الله (عليه السلام) ذات يوم: يا ليتني قد لقيت إخواني. فقال له أبو بكر وعمر: أولسنا إخوانك آمنا بك وهاجرنا معك؟ قال (صلى الله عليه وآله): قد آمنتم وهاجرتم، ويا ليتني قد لقيت إخواني، فأعادا القول، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين يأتون من بعدكم يؤمنون بي، ويحبوني، وينصروني، ويصدقوني وما رأوني، فيا ليتني قد لقيت إخواني.
واعلم أن الكلام هنا في أمرين:
الأول: في وجه دلالة الحديثين على المطلوب، وبيان ذلك بنحو مرغوب، فنقول إنه (صلى الله عليه وآله) قد فرع إخاءهم في الحديث الأول على كمال الإيمان كما هو واضح، لا يحتاج إلى بيان. وقد ذكرنا أن الدعاء لمولانا صاحب الزمان علامة كمال الإيمان وسبب كماله في الإنسان زيادة على ما قد كان فيصير الداعي من مصاديق ذاك العنوان، فثبت ما أردناه بواضح البرهان.
وأما الحديث الثاني فقد وصف فيه الإخوان بصفات قد امتازوا بها عن سائر أهل الإيمان وهي المحبة والنصرة والإيمان من دون أن يروه بالعيان ولا ريب في أن جميعها مجتمعة في الدعاء لفرج صاحب الزمان، فإنه نصرة للنبي، ومحبة إليه، وإيمانه، وتصديق لما دل عليه.
وهذا كله من الواضحات، عند ذوي العقول، وله شواهد كثيرة من طريق المنقول.
الأمر الثاني: في بيان معنى الأخوة المذكورة بحسب ما استفدناه من الروايات المأثورة فنقول: إنه يحتمل أمورا.
أحدها: أن يكون المراد الصداقة الواقعية، التي لازمها حب الصديق لصديقه والنصرة له في كل أموره، في غيبته وحضوره فيكون الأخ بمعنى الصديق، وهو أحد معانيه، كما ذكر في القاموس وهذا الاستعمال في العرف واللغة شائع مأنوس.
- ويشهد له في هذا المقام ما روي في البحار (3) عن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي (ره)

١ - بحار الأنوار: ٥٢ / ١٢٣ باب ٢٢ ح ٨.
٢ - بحار الأنوار: ٥٢ / ١٣٢ باب ٢٢ ح ٣٦.
٣ - بحار الأنوار: ٥٢ / 139 باب 22 ح 25.
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»