ربما يتوهم أن كونه (عليه السلام) وسيلة لسائر البريات في نيل جميع البركات يقتضي استغناءه عن الناس، فأي حاجة إلى دعائهم.
والجواب عن هذا التوهم من وجوه:
أحدها: أن يكون دعاؤنا له من باب هدية شخص حقير فقير إلى سلطان جليل كبير ولا ريب أن ذلك علامة احتياج هذا الفقير إلى عطاء ذاك السلطان الكبير وهذا دأب العبيد بالنسبة إلى الموالي، والداني إلى العالي، ونعم ما قيل:
أهدت سليمان يوم العيد قبرة * برجلة من جراد كان في فيها ترنمت بلطيف القول ناطقة * إن الهدايا على مقدار مهديها الثاني: أن الظاهر من الروايات أن وقت ظهوره (عليه السلام) من الأمور البدائية التي يمكن التقديم والتأخير مشروطا باهتمام أهل الإيمان بالدعاء لتعجيل ظهور صاحب الزمان (عليه السلام):
- والدليل على ما ذكرنا ما رواه المجلسي (ره) في البحار (1) عن تفسير العياشي، عن الفضل بن أبي قرة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول أوحى الله إلى إبراهيم أنه سيولد لك.
فقال لسارة: فقالت: * (أألد وأنا عجوز) * فأوحى الله إليه: أنها ستلد، ويعذب أولادها أربعمائة سنة بردها الكلام علي.
قال (عليه السلام): فلما طال على بني إسرائيل العذاب، ضجوا وبكوا إلى الله أربعين صباحا، فأوحى الله إلى موسى وهارون يخلصهم من فرعون، فحط عنهم سبعين ومائة سنة.
قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام) هكذا أنتم، لو فعلتم لفرج الله عنا، فأما إذا لم تكونوا، فإن الأمر ينتهي إلى منتهاه.
الثالث: أنه لا ريب في وقوع ابتلاء الأئمة (عليهم السلام)، بمقتضى البشرية بالبليات والأسقام والهموم والأحزان، ولدفع تلك الأمور أسباب، يتمشى بعضها من أهل الإيمان، ومن أعظم الأسباب لصرف أنواع البلاء الجد والاهتمام في الدعاء، كما ورد في الروايات، ولا يخفى على أهل الدرايات:
- فمنها ما في أصول الكافي (2) بسند صحيح عن حماد بن عثمان قال سمعته يقول: