المنتجب المرتضى، والهادي المنتجى، والقائم المرتضى، اصطفاه الله تعالى بذلك، واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه، وفي البرية حين برأه ظلا قبل خلق نسمة عن يمين عرشه، محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده، اختاره بعلمه وانتجبه لطهره، بقية من آدم (عليه السلام)، وخيرة من ذرية نوح، ومصطفى من آل إبراهيم، وسلالة من إسماعيل وصفوة من عترة محمد (صلى الله عليه وآله) لم يزل مرعيا بعين الله يحفظه، ويكلأه بستره، مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده، مدفوعا عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق، مصروفا عنه قوارف السوء، مبرءا من العاهات، محجوبا عن الآفات، معصوما من الزلات، مصانا عن الفواحش كلها، معروفا بالحلم والبر في يفاعه، منسوبا إلى العلم والعفاف والفضل عند انتهائه، مسندا إليه أمر والده، صامتا عن المنطق في حياته.
فإذا انقضت مدة والده إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيئته، وجاءت الإرادة من الله فيه إلى حجته، وبلغ منتهى مدة والده - صلى الله عليه - فمضى وصار أمر الله إليه من بعده، وقلده دينه، وجعله الحجة على عباده، وقيمه في بلاده، وأيده بروحه، وآتاه علمه، وأنبأه فضل بيانه، واستودعه سره، وانتدبه لعظيم أمره، وأنبأه فضل بيان علمه، ونصبه علما لخلقه، وجعله حجة على أهل عالمه، وضياء لأهل دينه، والقيم على عباده، رضي الله به إماما لهم، استودعه سره، واستحفظه علمه، واستحباه حكمته، واسترعاه لدينه، وانتدبه لعظيم أمره، وأحيى به مناهج سبيله، وفرائضه وحدوده، فقام بالعدل عند تحيير أهل الجهل، وتحير أهل الجدل، بالنور الساطع، والشفاء النافع، بالحق الأبلج، والبيان من كل مخرج، على طريق المنهج، الذي مضى عليه الصادقون من آبائه (عليهم السلام) فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقي ولا يجحده إلا غوي، ولا يصد عنه إلا جري على الله جل وعلا. انتهى بطوله (1).
قوله (عليه السلام): طلاوة إسلامه الطلاوة مثلثة: الحسن والبهجة والقبول، قوله: أهل مواده وعالمه.
قال بعض الشراح: العالم وهو الخلق، عطف على الأهل، أو على المواد، ولعل المراد به العقول التي هي مواد معرفته، والإضافتان أعني إضافة المواد والعالم إلى ضميره تعالى