الأول معرفة الإمام، والثاني الإطاعة له، واستدل لهذا بالآية الشريفة الآمرة بإطاعة أولي الأمر، وللأول بقول النبي (صلى الله عليه وآله)، ويؤيد هذا الوجه قوله (عليه السلام) في الصحيح السابق فراجع.
وثانيهما: أن يكون المراد طلب دليل من الكتاب المبين أو سنة سيد المرسلين يدل على وجوب ولاية آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين، ليكون حجة على المخالفين، فإنه (عليه السلام) لما قال: والولاية التي أمر الله عز وجل بها ولاية آل محمد (صلى الله عليه وآله) سأل الراوي: هل في ذلك شئ؟ أي دليل فاضل يعرف، أي لا يمكن للمخالف رده وإنكاره بحيث يتعين بذلك الدليل وجوب ولايتهم عليهم السلام فذكر عليه السلام حجتين: إحداهما من الكتاب العزيز، والأخرى من السنة، التي لا يمكن للمخالف ردهما.
ووجه الدلالة أن من له أدنى دراية إذا جعل عقله حاكما يذعن بأن الله جل شأنه لا يأمر عباده المؤمنين بإطاعة فاسق فاجر عاص ظلوم، بل يأمر بإطاعة عالم زاهد معصوم، وكذا النبي (صلى الله عليه وآله) لا يحكم بأن من مات ولم يعرف رجلا متجاهرا بأنواع المعاصي والفجور كمعاوية ويزيد، ومن يحذو حذوهما، مات ميتة جاهلية، بل الذي يجب معرفته من لا يعرف المؤمن شرائع دينه إلا بالرجوع إليه ويؤيد هذا الوجه (1) قوله (عليه السلام): وقال الآخرون: يزيد بن معاوية وحسين بن علي ولا سواء ولا سواء، فتدبر.
- ومنها (2) في الصحيح عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية؟ قال: نعم، قلت: جاهلية جهلاء، أو جاهلية لا يعرف إمامه؟ قال (عليه السلام): جاهلية كفر ونفاق وضلال.
أقول: الأحاديث الواردة في هذا الباب كثيرة جدا.
- ومنها (3) ما روي في كمال الدين عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: من شك في أربعة فقد كفر بجميع ما أنزل الله تبارك وتعالى، أحدها معرفة الإمام في كل زمان وأوان بشخصه ونعته.