والمستند أن الناس اجتمعوا عليهم دون غيرهم واقتصروا من شروط الخلافة بما انفرد به بعضهم في بعض طرق الحديث: وكلهم يجتمع عليه الناس، فمع الاجتماع يصير مصداقا للحديث النبوي الشريف سواء كان فيه العلم والهداية والعدالة والعمل بالحق، أو كان فاقدا لجميعها (1).
ويرد على هذا الكلام بوجوه:
الوجه الأول: أنه كما قد قيد الأخبار المطلقة بما في بعض الطرق من قوله: ويعمل بالهدى ودين الحق، فلا بد من تقييدها أيضا بقوله (صلى الله عليه وآله) في بعض طرقها: " وكلهم يعمل بالهدى ودين الحق " (2) وعليه فيخرج بعض هؤلاء مما لا خلاف في عدم عمله بهما.
الوجه الثاني: كيف أخرج الحسن بن علي (عليهما السلام) من هذا العدد مع أنه صرح به في الأول، وعن سفينة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): الخلافة ثلاثون عاما ثم يكون بعد ذلك الملك (3). وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول دينكم بدأ نبوة ورحمة، ثم يكون الخلافة والرحمة، ثم يكون ملكا وجبرية، حديث حسن. انتهى (4). فالحسن خليفة (5) بنص منه، فإن عد الخلفاء الأربعة من الاثني عشر فلا بد من عده أيضا فيها، وما تشبث به من الاجتماع على فرض التسليم، لا يعارض النص الصريح الصحيح، مع أنه لو بنى على إخراجه بعدم اجتماع أهل الشام عليه، يلزم إخراج والده أمير المؤمنين (عليه السلام) منها أيضا لعدم اجتماعهم عليه من أول خلافته إلى آخرها، بل إخراجه (عليه السلام) منها أولى من إخراج المنصور منها لعدم اجتماع أهل الأندلس عليه، وهم في أقصى المغرب، ونصارى هذه المملكة أضعاف المسلمين بخلاف الشام الواقع في بحبوحة بلاد المسلمين. ومن ذلك يعلم أن قوله: وكلهم يجتمع الخ من زيادة الراوي لا تصلح لتقييد الأخبار المطلقة.
الوجه الثالث: أن ظاهر نسبة الفعل إلى أحد صدوره منه قاصدا اختيارا من غير جبر ولا إكراه، فقوله: يجتمع على فرض التسليم أي باختيارهم ورضاهم، وغير خفي أن اجتماع