الناس على ملوك بني أمية كان للقهر والغلبة والخوف منهم، وأخذهم البيعة على الناس بسيفهم، كما هو مشروح في السير والتواريخ، وهل يمكن أن ينسب أحد إلى أهل مكة والمدينة وفيهم وجوه الفقهاء والمحدثين وبقية الصحابة والمشايخ من أولاد المهاجرين والأنصار أنهم باختيارهم اجتمعوا على يزيد بن معاوية واختاروه لخلافة الأمة، وهل هو إلا لما رأوا من قهره وغلبته وتجريه على سفك الدماء، فحفظوا أنفسهم ولم يلقوها إلى التهلكة فبايعه من بايع وتخلف من تخلف؟
الوجه الرابع: كيف جوزوا الخلافة المنعوتة على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) في جمع من بني أمية وقد رووا فيهم من الذموم ما رووا؟ ففي كشف الأستار عن الإمام الثعلبي في قوله تعالى:
* (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) * (1) قال: رأى بني أمية على المنابر فساءه ذلك.
فقيل له: إنها الدنيا يعطونها فنزل عليه (صلى الله عليه وآله): * (إلا فتنة للناس) * قال: بلاء للناس (2).
(وفيه) عن سهل بن سعد عن أبيه قال: رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فساءه، فما استجمع ضاحكا حتى مات فأنزل الله عز وجل في ذلك * (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن) * (3).
(وفيه) عن عمر بن الخطاب في قوله تعالى: * (الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار) * (4) قال: هما الأفجران من قريش بنو المغيرة وبنو أمية، فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر، وأما بنو أمية فتمتعوا إلى حين (5).
وعن الثعلبي في قوله تعالى: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * (6) نزلت في بني أمية وبني هاشم. انتهى (7).
أترى النبي (صلى الله عليه وآله) يراهم كالقردة، ويرى أن الله تعالى كنى عنهم بالشجرة الملعونة ثم يقول في سبعة منهم أنهم خلفاء يهدون بالحق ويعملون به ويعز في عصرهم الدين، حاشا أفعاله وأقواله من التناقض.