إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ١ - الصفحة ٢٢٠
في تعيين الاثني عشر في ولد فاطمة (عليهم السلام) الفرع العاشر في أن اثني عشر لا ينطبق في بني أمية كما زعم ولا في بني العباس، بل في بني فاطمة (عليهم السلام) اعلم أنه إذا تأمل المنصف عرف أن الأحاديث الشريفة النبوية في خصوص الاثني عشر لا تنطبق إلا على مذهب الإمامية لقرائن كثيرة منها: أن خليفة النبي (صلى الله عليه وآله) لا بد وأن يكون عالما عاملا عاقلا ورعا تقيا حاويا للخصال الحميدة ومنزها عن الصفات القبيحة، تاركا لما يجب وينبغي تركه، بصيرا حاذقا، إلى غير ذلك مما هو من لوازم خلافة مثله (صلى الله عليه وآله) المبعوث لهداية الخلق وتهذيبهم وتكميلهم وتزكيتهم وتعليمهم الكتاب والحكمة، فمن خلفه وجلس مجلسه لا بد وأن يكون له حظ وافر من ذلك حتى يصدق عليه الخلافة التي أخبر بها من جهة نبوته ورسالته، لا من حيث سلطنته وملكيته وغلبته على البلاد والعباد، مع أن في طرق بعض الأخبار المذكورة: يعمل بالهدى ودين الحق، وجعلهم بمنزلة نقباء بني إسرائيل وحواريي عيسى (عليه السلام) وقيام الدين وعزته بهم، وعزة الدين بصلاح أهله لا بسعة الملك وكثرة المال وإن لم يكن لهم حظ من الدين إلا الإقرار باللسان، وهذا المعنى في هذا العدد من هذه القبيلة لم يتفق بالاتفاق إلا في الاثني عشر الذين اتخذهم الإمامية، فإنهم عند جمع من أهل السنة علماء حكماء صلحاء عباد زاهدون جامعون لكل ما ينبغي أن يكون في الخليفة، كما لا يخفى على المتتبع في الأخبار.
وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء: قال القاضي عياض: لعل المراد بالاثني عشر في الأحاديث وما شابهها أنهم يكونون في مدة عزة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره، والاجتماع على من يقوم بالخلافة، وقد وجد هذا فيمن اجتمع عليه الناس إلى أن اضطرب أمر بني أمية، ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد، فاتصلت بينهم إلى أن قامت الدولة العباسية فاستأصلوا أمرهم.
وأيده ابن حجر في شرح البخاري قال: كلام القاضي عياض أحسن ما قيل في الحديث وأرجحه، لأن في بعض طرق الحديث: " كلهم يجتمع عليه الناس " وهو انقيادهم لبيعته، والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي إلى أن وقع أمر
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»