الأندلس، فقد أدركها دارا بن دارا وإني لجدير بقصدها كي لا أقصر عن غاية بلغها دارا، فتجهز الإسكندر واستعد للخروج عاما كاملا، فلما ظن أنه قد استعد لذلك وقد كان بعث رواده فأعلموه أن موانع دونها، فكتب عبد الملك إلى موسى بن نصير يأمره بالاستعداد والاستخلاف على علمه، فاستعد وخرج فرآها وذكر أحوالها فلما رجع كتب إلى عبد الملك بحالها وقال في آخر الكتاب: فلما مضت الأيام وفنيت الأزواد سرنا نحو بحيرة ذات شجر، وسرت مع سور البلد فصرت إلى مكان من السور فيه كتاب بالعربية فوقفت على قراءته وأمرت بانتساخه فإذا هو:
ليعلم المرء ذو العز المنيع ومن * يرجو الخلود وما حي بمخلود لو أن خلقا ينال الخلد في مهل * لنال ذاك سليمان بن داود سالت له القطر عين القطر فائضة * بالقطر منه عطاء غير مصدود فقال للجن ابنوا لي به أثرا * يبقى إلى الحشر لا يبلى ولا يودي فصيروه صفاحا ثم هيل له * إلى السماء بأحكام وتجويد وأفرغ القطر فوق السور منصلتا * فصار صلب من الصماء صيخود وبث فيه كنوز الأرض قاطبة * وسوف يظهر يوما غير محدود وصار في قعر بطن الأرض مضطجعا * مصمدا بطوابيق الجلاميد لم يبق من بعده للملك سابقة * حتى يضمن رمسا غير أخدود هذا ليعلم أن الملك منقطع * إلا من الله ذي النعماء والجود حتى إذا ولدت عدنان صاحبها * من هاشم كان منها خير مولود وخصه الله بالآيات منبعثا * إلى الخليقة منها البيض والسود له مقاليد أهل الأرض قاطبة * والأوصياء به أهل المقاليد هم الخلائف اثنا عشرة حججا * من بعدها الأوصياء السادة الصيد حتى يقوم بأمر الله قائمهم * من السماء إذا ما باسمه نودي فلما قرأ عبد الملك الكتاب وأخبره طالب بن مدرك - وكان رسوله إليه - بما عاين من ذلك، وعنده محمد بن شهاب الزهري قال: ما ترى في هذا الأمر العجيب؟ فقال الزهري:
وأظن أن جنا كانوا موكلين بما في تلك المدينة، حفظة لها، يخيلون إلى من كان صعدها، قال