العصمة لكنهم في التحرز وعدم الافتراء هم كالمعصومين حاشاهم من ذلك، ولعل الخصم يقول إن بائك تجر وبائي لا تجر إذ على هذا لا معنى لدعوى الشيعة الافتراء والجعل في بعض ما يرويه أهل السنة في حق خلافائهم إذ المنصف يعرف الفرق البين فإن ظهور مثالب بعض الصحابة وفضيحتهم مع عدواة السلاطين وحكام الجور لآل الرسول (ص) لا يمكن أن ينكر وكل واحد بنفسه مقتضي للجعل، فكيف إذا تعاضدا، بخلاف الشيعة لأن كل عاقل متدين بدين لا يمكن أن يفتعل أو يحلل شيئا على خلاف مذهبه، والحال إن أهل السنة يقولون إن الناس بعد النبي (ص) لم يختلفوا والكل راضون بخلافة الخلفاء، وإذا كان كذلك فأي داع لأعقابهم أن يفتروا ويكذبوا ويضعوا أخبار مجعولة على خلاف مذهب آبائهم وأسلافهم، وإن قالوا إن الجاعل هو أهل الصدر الأول فمع إنه خلاف ما يقولوه من الإجماع وعدم الاختلاف أيضا أي داع لأهل الصدر الأول مع عدم الشحناء بينهم أن يجعلوا، وأي سبب اقتضى ذلك.
وممن نقل هذا الحديث المفيد في الأمالي بطريق ينتهي إلى زازان عن سلمان، لكن على سبيل الإيجاز والاختصار، ولهذه الجهة بعض المحدثين ذهبوا إلى إنهما حديث واحد لكن بعد التأمل فيهما يكاد يظن إنهما حديثين لأن في أخر الحديث على الطريق الثاني زيادات ليست في الطريق الأول، مع إن في فقراتها الاختلاف الكلي، ومع تعدد السند والمضامين، الحكم بالاتحاد لا يخلو عن سقم، بل بعد تنافي بعض فقراتهما بالتنافي بالنفي والإثبات، لا يصلح الحكم بالاتحاد جزما، في آخر هذا الطريق مذكور إن القوم لما أسلموا قال عمر: الحمد لله تعالى