ولا يدعي الداعي لأحدهما إلى فعل بما يكون خارجا عن حكم الشريعة ولا مخالفا لمراد الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله)، فإذا كان الأمر كذلك فالإمام أفضل من المأموم، ولو علم الإمام أن عيسى أفضل منه لما جاز له أن يتقدم عليه، وكذلك لو علم عيسى أنه أفضل منه لما جاز له أن يقتدي به لعصمتهما ولموضع تنزيه الله تعالى لهما عن كل مكروه من رياء أو نفاق أو محاباة أو غير ذلك، ولما تحقق عيسى أن الإمام أفضل منه وأعلم منه قدمه وصلى خلفه، ولولا ذلك لم يسعه الاقتداء بالإمام، فهذه درجة الفضل في الصلاة ثم الجهاد وهو بذل النفس بين يديه يرغب إلى الله تعالى بذلك، ولولا ذلك لم يصح لأحد جهاد بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله)، ولا بين يدي غيره، والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قوله تعالى: * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) * (1) الآية، وإن كان الإمام نائبا للرسول في أمته لا يسوغ لعيسى (عليه السلام) أن يتقدم على نائب الرسول، وما يؤكد قولنا أن عيسى (عليه السلام) يصلي خلف المهدي.
الثلاثون والمائة: ما رواه الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني في حديث صحيح طويل في نزول عيسى (عليه السلام) فمن ذلك قالت أم شريك بنت أبي العكري: يا رسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال: " هم يومئذ قليل، وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذا نزل عيسى (عليه السلام)، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى (عليه السلام) يصلي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له تقدم " (2) قال: هذا حديث صحيح ثابت، ذكره ابن ماجة القزويني في كتابه عن أبي أمامة الباهلي قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)...
وهذا مختصره.
الحادي والثلاثون والمائة: ابن ماجة القزويني هذا بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله): " المهدي مني، أجلى الوجه، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يملك سبع سنين " (3) قال: هذا حديث ثابت صحيح أخرجه الحافظ أبو داود السجستاني في صحيحه، ورواه غيره من الحفاظ كالطبراني وغيره وذكر ابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس في باب الألف بإسناده عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " المهدي طاووس أهل الجنة " (4)