وتبتهجون بها، وألهتكم البرابط مخنثون مؤنثون، لا يتفكر متفكر منكم في إصلاح معيشة ولا استدامة نعمة ولا اصطناع مكرمة، ولا كسب حسنة يمد بها عنقه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
أضعتم الصلاة، واتبعتم الشهوات، وأكببتم على (1) اللذات وتجنبتم عن النقمات (2) فسوف تلقون غيا، وأيم الله لربما تفكر أمير المؤمنين في أمركم، فلا أجد أمة من الأمم استحقوا العذاب حتى نزل بهم لخلة من الخلال إلا أصاب تلك الخلة بعينها فيكم، مع خلال كثيرة لم أكن أظن أن إبليس اهتدى إليها ولا أمر بالعمل عليها، وقد أخبر الله تعالى في كتابه العزيز عن قوم صالح: أنه كان فيهم تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون فأيكم ليس معه تسعة وتسعون من المفسدين في الأرض، قد اتخذتموهم شعارا ودثارا استخفافا بالمعاد وقلة يقين بالحساب، وأيكم له رأي يتبع أو روية تنفع فشاهت الوجوه وغبرت الخدود.
وأما ما ذكرتم من العترة (3) التي كانت في أبي الحسن (عليه السلام) نور الله وجهه فلعمري إنها عندي للنهضة والاستقلال الذي أرجو به قطع الصراط، والأمن والنجاة من الخوف يوم الفزع الأكبر، ولا أظن عملت عملا هو عندي أفضل من ذلك إلا أن أعود منها إلى مثله، وأنى لي بذلك وأنى لكم بتلك السعادة.
وأما قولكم إني سفهت آراء آبائكم وأحلام أسلافكم، فكذلك قال مشركو قريش: * (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) * (4).
ويلكم إن الدين لا يؤخذ إلا من الأنبياء، فافقهوا وما أراكم تعقلون.
وأما تعييركم إياي بسياسة المجوس إياكم فما أذهبكم الآنفة من ذلك، ولو ساستكم القردة والخنازير ما أردتم إلا أمير المؤمنين، ولعمري لقد كانوا مجوسا فأسلموا كآبائنا وأمهاتنا في القديم، فهم المجوس الذين أسلموا وأنتم المسلمون الذين ارتدوا، فمجوسي أسلم خير من مسلم ارتد، فهم يتناهون عن المنكر ويأمرون بالمعروف، ويتقربون من الخير ويتباعدون من الشر، ويذبون عن حرم المسلمين، يتباهجون بما نال الشرك وأهله من المنكر، ويتباشرون بما نال الإسلام وأهله من الخير، * (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) *، وليس منكم إلا لاعب بنفسه