إلي أن اتخذ علي أخا كما أن موسى اتخذ هارون أخا واتخذ ولده ولدا فقد طهرتم كما طهرت ولد هارون إلا أني ختمت بك النبيين فلا نبي بعدك فهم الأئمة الهادية أفما تبصرون؟ أفما تفهمون؟
أما تسمعون؟ ضربت عليكم الشبهات فكان مثلكم كمثل رجل في سفر فأصابه عطش شديد حتى خشي أن يهلك فلقي رجلا هاديا في الطريق فسأله عن الماء، فقال له: أمامك عينان أحدهما مالحة والأخرى عذبة فإن أصبت المالحة ضللت وإن أصبت العذبة هديت ورويت.
فهذا مثلكم أيتها الأمة المهملة كما زعمتم، وأيم الله ما أهملتم لقد نصب لكم علما يحل لكم الحلال ويحرم عليكم الحرام، ولو أطعتموه لما اختلفتم ولا تدابرتم ولا تقاتلتم ولا برئ بعضكم من بعض، فوالله إنكم بعده لناقضوا عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنكم على عترته لمختلفون إن هذا من غير ما يعلم أفتى برأيه فقد أبعدتم وتحاسرتم وزعمتم أن الخلاف رحمة، هيهات أبى الكتاب ذلك عليكم يقول الله تبارك وتعالى: * (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) * ثم أخبرنا باختلافكم فقال سبحانه: * (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) * أي للرحمة وهم آل محمد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا علي أنت وشيعتك على الفطرة والناس منها براء، فهلا قبلتم من نبيكم محمد (صلى الله عليه وآله) كيف وهو خبركم بانتكاصكم عن وصيه (صلى الله عليه وآله) وأمينه ووزيره وأخيه ووليه، أطهركم قلبا وأعلمكم علما وأقدمكم سلما وأعظمكم وعيا عند رسول الله، أعطاه تراثه وأوصاه بعداته فاستخلفه على أمته ووضع عنده سره فهو وليه دونكم أجمعين وأحق به منكم أجمعين، سيد الوصيين ووصي خاتم المرسلين وأفضل المتقين وأطوع الأمة لرب العالمين سلمتم عليه بخلافة المؤمنين في حياة سيد النبيين وخاتم المرسلين، فقد أعذر من أنذر وأدى النصيحة من وعظه وبصر من عمي فقد سمعتم كما سمعنا ورأيتم كما رأينا وشهدتم كما شهدنا، فقام عبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل لعنهم الله، فقالوا: يا أبي أصابك خبل أم بك جنة؟ فقال: بل الخبل فيكم والله كنت عند رسول الله فألفيته يكلم رجلا أسمع كلامه ولا أرى وجهه فقال فيما يخاطبه نصحه لك ولأمتك وأعلمه بسنتك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفترى أمتي تنقاد له من بعدي؟ قال: يا محمد تتبعه من أمتك أبرارها وتخالف عليه من أمتك فجارها، وكذلك أوصياء النبيين من قبلك، يا محمد إن موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون وكان أعلم بني إسرائيل وأخوفهم لله [وأطوعهم له] فأمره الله عز وجل أن يتخذه وصيا كما اتخذت عليا وصيا، وكما أمرت بذلك، فحسده بنو إسرائيل سبط موسى خاصة فلعنوه وشتموه وعنفوه ووضعوا له، فإن أخذت أمتك بسنن بني إسرائيل كذبوا وصيك وجحدوا أمره