وعرفت ما كان وما يكون وما كان في الذر الأول مع من تقدم من آدم الأول، ولقد كشف لي فعرفت، وعلمني ربي فتعلمت، ألا فعوا ولا تضجوا ولا ترتجوا فلولا خوفي عليكم أن تقولوا جن أو ارتد لأخبرتكم بما كانوا وما أنتم فيه وما تلقونه إلى يوم القيامة، علم أوعز إلي فعلمت، ولقد ستر علمه عن جميع النبيين إلا صاحب شريعتكم هذه صلوات الله عليه وآله، فعلمني علمه، وعلمته علمي. ألا وإنا نحن النذر الأولى، ونحن نذر الآخرة والأولى، ونذر كل زمان وأوان، وبنا هلك من هلك، وبنا نجا من نجا، فلا تستطيعوا ذلك فينا، فوالذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، وتفرد بالجبروت والعظمة، لقد سخرت لي الرياح والهواء والطير، وأعرضت علي الدنيا، فأعرضت عنها، أنا كأب الدنيا لوجهها فحنى، متى يلحق بي اللواحق، لقد علمت ما فوق الفردوس الأعلى، وما تحت السابعة السفلى، وما في السماوات العلى، وما بينهما وما تحت الثرى. كل ذلك علم إحاطة لا علم أخبار، أقسم برب العرش العظيم، لو شئت أخبرتكم بآبائكم وأسلافكم أين كانوا وممن كانوا وأين هم الآن وما صاروا إليه، فكم من آكل منكم لحم أخيه، وشارب برأس أبيه، وهو يشتاقه ويرتجيه.
هيهات هيهات، إذا كشف المستور، وحصل ما في الصدور، وعلم أين الضمير، وأيم الله لقد كوزتم كوزات، وكررتم كرات، وكم بين كرة وكرة من آية وآيات، ما بين مقتول وميت، فبعض في حواصل الطيور، وبعض في بطون الوحش، والناس ما بين ماض وزاج، ورايح وغاد، ولو كشف لكم ما كان مني في القديم الأول، وما يكون مني في الآخرة، لرأيتم عجائب مستعظمات، وأمورا مستعجبات، وصنايع وإحاطات. أنا صاحب الخلق الأول قبل نوح الأول، ولو علمتم ما كان بين آدم ونوح من عجائب اصطنعتها، وأمم أهلكتها: فحق عليهم القول، فبئس ما كانوا يفعلون. أنا صاحب الطوفان الأول، أنا صاحب الطوفان الثاني، أنا صاحب سيل العرم، أنا صاحب الأسرار المكنونات، أنا صاحب عاد والجنات، أنا صاحب ثمود والآيات، أنا مدمرها، أنا مزلزلها، أنا مرجعها، أنا مهلكها، أنا مدبرها، أنا بأبيها، أنا داحيها، أنا مميتها، أنا محييها، أنا الأول، أنا الآخر، أنا الظاهر، أنا الباطن، أنا مع الكور قبل الكور، أنا مع الدور قبل الدور، أنا مع القلم قبل القلم، أنا مع اللوح قبل اللوح، أنا صاحب الأزلية الأولية، أنا صاحب جابلقا وجابرسا، أنا صاحب الرفوف وبهرم، أنا مدبر العالم الأول حين لا سماؤكم هذه ولا غبراؤكم.
قال: فقام إليه ابن صويرمة فقال: أنت أنت يا أمير