فصل وأما الطبع فلأن كل شكل يطلب طبعه ويميل إلى جنسه، وينفر من ضده، وأما حكم الأنبياء فمنه قول يوسف عليه السلام: معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده (١) فيوم القيامة ينزع الله ما كان في طينة المؤمن من الخبيث المجاور لها بالامتزاج معها من طينة النواصب من السيئات فيرد إلى النواصب لأنها له ومنه وعليه، ثم ينادي: لا ظلم اليوم وما ربك بظلام للعبيد، وإليه الإشارة والحكمة بقوله: فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك (٢) ولأنه كان الله قادرا أن يجعل كل جزء منها طيرا بذاته، ولكن القدرة والحكمة والعدل اقتضى وصول كل جزء منها إلى جزئه! وفي ذلك رمز دقيق وهو أن كل طبع يميل إلى طبعه..
اعترض معترض فقال: هلا طاب الخبيث من الطين بمجاورة الطيب أو خبث الطيب بمجاورة الخبيث؟ قلنا: ليس من الطبع ما ليس في الطبع لأنه يوجد في قطعة الياقوت الأحمر الشفاف نقطة ترابية لم تنتقل بالمجاورة وطول الطبخ في المعادن الجوهرية، بل بقيت على حالها مظلمة فهي مظلمة إلى الأبد. وقد يوجد في الحجر المظلم مثل المغناطيس نقطة تشف ضياء ونورا، وهي مجاورة للظلمة ولم ينتقل إليها فتصير مظلمة، فكذا ما في مزاج المؤمن من طينة المنافق وبالعكس... وإليه الإشارة بقوله: وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ (٣) إنما حملوا خطايا جوهرهم وسنخهم وما هو منهم وإليهم، إذ كل جزء يلحق بجزئه ساء أم حسن، وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) وهو هذا فصل وحكم المزاج مذكور في قوله: ﴿والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش﴾ (4) وهو حب فرعون وهامان إلا اللمم، وهو المزاج من الطين إن ربك واسع المغفرة لشيعتنا خاصة، لأن