مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢٥٦
النبي صلى الله عليه وآله: أنا من علي، وعلي مني، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي (١) وإليه الإشارة بقوله: وأنفسنا وأنفسكم (٢)، وهو إشارة إلى اتحادهما في عالم الأرواح والأنوار، ومثله قوله: أفإن مات أو قتل (٣)، والمراد هنا مات أو قتل الوصي، لأنهما شئ واحد، ومعنى واحد، ونور واحد، اتحدا بالمعنى والصفة، وافترقا بالجسد والتسمية، فهما شئ واحد في عالم الأرواح (أنت روحي التي بين جنبي) (٤)، وكذا في عالم الأجساد: (أنت مني وأنا منك ترثني وأرثك) (٥)، (أنت مني بمنزلة الروح من الجسد). (٦) وإليه الإشارة بقوله: صلوا عليه وسلموا تسليما ﴿٧)، ومعناه صلوا على محمد، وسلموا لعلي أمره، فجمعهما في جسد واحد جوهري، وفرق بينهما بالتسمية والصفات في الأمر، فقال: صلوا عليه وسلموا تسليما، فقال: صلوا على النبي، وسلموا على الوصي، ولا تنفعكم صلواتكم على النبي بالرسالة إلا بتسليمكم على علي بالولاية.
يا سلمان ويا جندب، وكان محمد الناطق، وأنا الصامت، ولا بد في كل زمان من صامت وناطق، فمحمد صاحب الجمع، وأنا صاحب الحشر، ومحمد المنذر، وأنا الهادي، ومحمد صاحب الجنة، وأنا صاحب الرجعة، محمد صاحب الحوض، وأنا صاحب اللواء، محمد صاحب المفاتيح، وأنا صاحب الجنة والنار، ومحمد صاحب الوحي، وأنا صاحب الإلهام، محمد صاحب الدلالات، وأنا صاحب المعجزات، محمد خاتم النبيين، وأنا خاتم الوصيين، محمد صاحب الدعوة، وأنا صاحب السيف والسطوة، محمد النبي الكريم، وأنا الصراط المستقيم، محمد الرؤوف الرحيم، وأنا العلي العظيم.
يا سلمان، قال الله سبحانه: يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده﴾
(8)، ولا يعطي هذا الروح إلا من فوض إليه الأمر والقدر، وأنا أحيي الموتى، وأعلم ما في السماوات والأرض، وأنا ،

(١) مسند أحمد: ١ / ٩٨ ط م و: ١٥٩ ح ٧٧٢ ط. ب وصحيح الترمذي: ٥ / ٦٣٢ ح ٣٧١٢.
(٢) آل عمران: ٦١.
(٣) آل عمران: ١٤٤.
(٤) تقدم الحديث.
(٥) تقدم الحديث.
(٧) الأحزاب: ٥٦.
(٨) غافر: ١٥.
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»