مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢٤٤
الكافر والمنافق لا نصيب لهما في المغفرة هو أنشأكم من الأرض (1) وهو الطين الممزوج كما بدأكم تعودون (2) وهو رجوع كل سنخ إلى سنخه ترجع الأجزاء الخبيثة من الطين السنخ، والمنكر للولاية بسيئاته إلى سنخه المخالف وترجع الأجزاء الطيبة من الطينة المؤمنة بأعمالها الحسنة إلى معدنها من الأجساد، المؤمن الطيب للطيب والخبيث للخبيث، لأن الطيب في الخبيث مجاورة عارضة ولها اختيار، فوجب عودها إلى الأصل وكذا الخبيث حكمه أنهم اتخذوا الشياطين الخبيث والطاغوت يعني فلانا وفلانا أولياء من دون الله يعني دون علي، لأن ولاية علي ولاية الله ويحسبون أنهم مهتدون (3) يعني بصلاتهم وصومهم، لأنها من غيرهم فهي لغيرهم، لأن ما ليس منهم ليس لهم. هذا آية المزاج لأن القرآن شفاء لما في الصدور وظاهره نور فوق نور.
يؤيد هذا التفسير العظيم ما رواه السدي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: يا علي إن الله يحبك ويحب من يحبك، وإن الملائكة تستغفر لك ولشيعتك ولمحبي شيعتك، وإذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين محبو علي؟ فيقوم قوم من الصالحين؟ فيقال لهم: خذوا بيد من شئتم وادخلوا الجنة، وإن الرجل الواحد ينجي من النار ألف رجل، ثم ينادي المنادي: أين البقية من محبي علي؟ فيقوم قوم مقتصدون، فيقال لهم: تمنوا على الله ما شئتم، فيعطي كل واحد منهم ما طلب، ثم ينادي: أين البقية من محبي علي؟ فيقوم قوم قد ظلموا أنفسهم، فيقال: أين مبغضو علي؟ فيقوم خلق كثير، فيقال: اجعلوا كل ألف من هؤلاء لواحد من محبي علي فيجعل أعمال أعدائك لمحبيك فينجون من النار، وأنت الأجل الأكرم، وأنت العلي العظيم، محبك محب الله ورسوله، ومبغضك مبغض الله ورسوله (4).
يتمم هذا الدليل والتأويل ما رواه جرير عن ابن عمر، عن أبي هريرة، عن ابن عباس قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله قد سجد خمس سجدات بغير ركوع، فقلت: يا رسول الله ما هذا؟ فقال:
جاءني جبرائيل فقال لي: يا محمد، الله يحب عليا فسجدت، ثم رفعت رأسي فقال لي: إن الله يحب الطاهرة الزكية فاطمة فسجدت، ثم رفعت رأسي فقال لي: إن الله يحب الحسن

(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 247 249 250 251 ... » »»