مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢٣٣
فصل (علي مالك يوم الدين) اعترض معترض من أهل التقليد، وممن هو عن إدراك التحقيق بعيد، فقال: إذا قلنا مالك يوم الدين علي، وحاكم يوم الدين علي، يلزم أن يكون الرحمن الرحيم أيضا عليا، فقلت له: ليس الأمر كما ذهب إليه وهمك، وقصر عن إدراكه فهمك، لأنا لا ندعي أن عليا مالك يوم الدين من هذه الآية، لأنا إذا قلنا: الحمد لله رب العالمين فإنا نشهد أن جميع المحامد بجوامع الكلم من كل مادح وحامد، فإنها لله رب العالمين يستحقها ويستوجبها الرحمن الرحيم، ويجري عليها عدلا وقسطا، مالك يوم الدين الذي طوق بإحسانه أهل سماواته وأرضه، أخرجهم بلطفه من كتم العدم، وأفاض عليهم من سحائب كرمه فوائض النعم، ووسعهم بجوده وعفوه ومنه، فهو مالك يوم الدين الذي كل شئ ملكه ومملوكه، فله الملك للعباد، والعدل في المعاد، لكنه يملك من أراد، وإن تقطعت أكباد ذوي العناد.
وإذا قلنا إياك نعبد وإياك نستعين نقر بأن الموصوف بهذه الصفات هو المعبود الحق. فنقول: هناك (اهدنا الصراط المستقيم) نسأل بعد الحمد لواجب الوجود، ومفيض الكرم والجود، أن يهدينا إلى حب علي لأنه الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، وهم آل محمد صلى الله عليه وآله الذين لأجلهم خلق الكون والمكان غير المغضوب عليهم، وهم (أي المغضوب عليهم) أعداؤهم الذين يبدل الله صورهم عند الموت، (ولا الضالين) وهم شيعة أعدائهم.
فصل لما رأينا الله سبحانه قد أدخل نبيه ووليه في صفاته، وخص محمدا وعليا بعظيم آياته، فقال في وصف نبيه الكريم: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم (1) وقال في حق وليه: وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم (2) فهو الحاكم الحكيم، لأن العلو هو الحكم، فهو العالي على العباد، والحاكم يوم التناد، لأن كل حاكم عال

(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»