فصل (الدنيا ملك لآل محمد) هذا كلام الحجة، وكلام الحجة حجة، فقوله لمحمد وآل محمد هذا لام التمليك والتخصيص، لأن من خلق الشئ لأجله فهو له في الدنيا والآخرة، لهم خلقت وإليهم سلمت، فدل بهذا الصريح أن ملك الدنيا والآخرة وحكم الدنيا والآخرة لا بل الدنيا والآخرة لهم على غير مشارك ولا منازع، إن الكل عبيدهم وملكهم (1)، وهم سادة الكل ومواليهم، سبحان من استعبد أهل السماوات والأرض بولاية محمد وآل محمد.
وهذا مصرح أن الكل لهم وعبيدهم، وأن لهم السيادة والسؤدد على جميع الخلائق، فالخلائق عبيدهم وهم عبيد الله ونواب مملكته، وخاصة حضرته وخزنة غيبه، وقوام خلقه. وإلا لزم كذب المعصوم أو تكذيبه، والأول محال والثاني كفر مثبت.
إن الدنيا والآخرة ملكهم ومليكهم، وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وآله: (سبحان من يملكها محمدا وآل محمد وشيعتهم) (2)، فتساوى طرفا الحكم والملك في الدارين لديهم وإليهم لعدم الترجيح والتخصيص، فمن اعتقد أن ملك الدنيا والآخرة لهم آمن بالخصوص الإلهية والنصوص الإمامية، ومن أنكر الطرفين كفر بالقرآن، وكذب أولياء الرحمن، ومن صدق طرفا وكذب طرفا بعد ثبوت الطرفين لهم لزمه من إنكار الثاني إنكار الأول، ومن تصديق الأول تصديق الثاني، لكن تكذيب الأول كفر فالثاني كذلك، وتصديق الأول إيمان فالثاني كذلك، وتصديق الثاني إيمان فتكذيب الأول كفر، فمن صدق الأول وكذب الثاني لزمه التكذيب بالصدق أو التصديق بما وجب تكذيبه، فيلزمه من ذلك الكفر بالإيمان والإيمان بالكفر.
فبان بواضح البرهان الذي لا ينقض، والحق الذي لا يدحض، أن لهم ملك الدنيا والآخرة، وحكم الدنيا والآخرة، والإنكار لذلك كفر لصدق دليله، والشك فيه شرك لوضوح سبيله، والريب فيه ارتداد لصحة تأويله، والتصديق به نجاة لبرد مقبله، ومن كذب بما وجب تصديقه من الدين فقد كفر بوحي رب العالمين، وذلك لأن الكتاب والعترة حبلان