مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ١٧٨
رب العالمين، ونصا من الصادق الأمين، وهذا كله لآل محمد صلى الله عليه وآله لا يشاركهم فيه مشارك، لأنهم معدن التنزيل، ومعنى التأويل وخاصة الرب الجليل، ومهبط الأمين جبرائيل، صفات الله وصفوته، وسره وكلمته، شجرة النبوة، ومعدن الفتوة، عين المقالة ومنتهى الدلالة، ومحكم الرسالة، ونور الجلالة، حبيب الله ووديعته، وموضع كلمة الله ومفتاح حكمته، مصابيح رحمة الله وينابيع نعمته، السبيل إلى الله والسلسبيل، والقسطاس المستقيم والمنهاج القويم، والذكر الحكيم، والوجه الكريم، والنور القويم، أهل التشريف والتقويم والتقديم، والتفضيل والتعظيم، خلفاء النبي الكريم، وأبناء الرؤوف الرحيم وأمناء العلي العظيم، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم، السناء الأعظم والطريق الأقوم. من عرفهم وأخذ عنهم، فهو منهم، وإليه الإشارة بقوله: من تبعني فإنه مني، خلقهم الله من نور عظمته، وولاهم أمر مملكته، فهم سر الله المخزون، وأولياؤه المقربون، وأمره بين الكاف والنون.
لا بل هم الكاف والنون، إلى الله يدعون وعنه يقولون، وبأمره يعملون، علم الأنبياء في علمهم، وسر الأوصياء في سرهم، وعز الأولياء في عزهم، كالقطرة في البحر، والذرة في القفر، والسماوات والأرض عند الإمام منهم كيده من راحته يعرف ظاهرها من باطنها، ويعلم برها من فاجرها، ورطبها ويابسها، لأن الله علم نبيه علم ما كان وما يكون، وورث ذلك السر المصون، الأوصياء المنتجبون، ومن أنكر ذلك فهو شقي ملعون، وكيف يفرض الله على عباده طاعة من يحجب عنه ملكوت السماء والأرض؟ وإن الكلمة من آل محمد تنصرف إلى سبعين وجها).
- [قال المؤلف:] وكلما ذكر في الذكر الحكيم والكلام القديم، من آية يذكر فيها العين والوجه، اليد والجنب، فالمراد منها الولي لأنه جنب الله، ووجه الله، يعني حق الله وعلم الله، وعين الله ويد الله، لأن ظاهرهم باطن الصفات الظاهرة، وباطنهم ظاهر الصفات الباطنة، فهم ظاهر الباطن وباطن الظاهر وإليه الإشارة بقوله: (إن لله أعين وأياد، وأنا وأنت يا علي منها) -.
(فهم الجنب العلي والوجه الرضي، والمنهل الروي، والصراط السوي، الوسيلة إلى الله، والوصلة إلى عفوه ورضاه، سر الواحد والأحد، فلا يقاس بهم من الخلق أحد، فهم خاصة الله وخالصته، وسر الديان وكلمته، وباب الإيمان وكعبته، وحجة الله ومحجته، وأعلام
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»