فها أنا قد خبرت بك البرايا * فأنت محك أولاد الحلال وليس يطيق حمل ثناك إلا * كريم الأصل محمود الفعال (1) وجه آخر في معنى قوله: (ما عرف الله إلا أنا وأنت)، وذاك أن العظمة التي رآها رسول الله ليلة المعراج واختراقه الحجب السماوية، ووصوله إلى قاب قوسين والكلام الذي خوطب به بغير واسطة، مما لم ينله ملك مقرب ولا نبي مرسل، وأن ذلك كله وصل إلى أمير المؤمنين ورآه كما رآه، وإليه الإشارة بقوله: (إنك ترى ما أرى وتسمع ما أسمع) (2) فما عرف الله سبحانه من جميع الخلائق بهذه المعرفة إلا هم، وكذلك ما عرف محمدا وعليا على ما هم عليه إلا الله الذي أوجدهم من نور عظمته، وخصهم بسره وكرامته، وجعلهم في علو المقام تحت ذاته، وفوق جميع مخلوقاته، ومن ذا الذي يحصي عدد أوراق الأشجار، وقطرات الأمطار، وذرات القفار، ورشحات البحار؟!
ووجه آخر في معنى قوله: ما عرف الله إلا أنا وأنت، والمراد أنه ليس بيننا وبين الله واسطة من المخلوقات، بل نحن أول المخلوقات والخلائق، وعين الحقائق، ونحن في مقامنا اللاحق سادة العبيد، وعبيد الحق.