مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ١٧٥
غير الله، وما وحد الله غير محمد رسول الله) (1).
وكذا حقيقة محمد وعلي ما عرفها إلا الله، وهم وقليل من أوليائهم، ممن وصل إلى الدرجة العليا العاشرة من الإيمان. يدل على صحة هذه الدعوى، والشاهد ما ورد في كتاب البشائر: أن عمر دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجده يوما وبين يديه أمير المؤمنين فقال عمر: فما لي سألته الله قلت أصدقكم لهجة أبو ذر، فقال: هو كما قلت، فقال عمر: فما لي سألته عنك فقال: هو في مسجده، فقلت:
ومن عنده؟ فقال: رجل لا أعرفه، وهذا علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: صدق أبو ذر يا عمر، هذا رجل لا يعرفه إلا الله ورسوله.
(2) فصل وبيان ما أشار إليه النبي وأحال عليه أن من عرف محمدا وعليا كمعرفة الله لهم، عرف الله (3) كما عرفوه، لكن الأول ممتنع فالثاني كذلك، مثاله من القرآن: قوله سبحانه لموسى: لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني (4) فعلق الرؤية على استقرار الجبل، واستقرار الجبل عند تجلي نور الكبرياء محال، فرؤية الرب الكبير المتعال بعين البصر محال. علق الممتنع على الممتنع فامتنع الثاني لامتناع الأول. فما لك أيها المرتاب كلما وضح الدليل ازددت ضلالا عن السبيل، وكلما لاح ضوء الصباح وفاح أقاح الإيضاح، زدت زكاما، وهل هذا ضلال عن الحق وشك في عين اليقين وإمام الصدق، فإذا كان المنافق إذا تليت عليه آيات علي أبى واستكبر، والموافق إذا تليت عليه آياته أنكر واستكثر، فما الفرق إذا بين من عمي وأبصر؟ ولقد أحسن من أشار إلى هذا المقام فقال:
أمير المؤمنين أراك لما * ذكرتك عند ذي ثقة صغى لي وإن كررت ذكرك عند نغل * تكدر سره وبغى قتالي فصرت إذا شككت بأصل امرئ * ذكرتك بالجميل من الخصال

(١) في الحديث: يا علي ما عرف الله إلا بي ثم بك) البحار: ٢٢ / ١٤٨.
(٣) في الأصل المطبوع لفظ رجل بدل الله فتأمل المعنى جيدا؟!
(٤) الأعراف: ١٤٣.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»