مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ١٣٨
ولعن الله أعدائكم، ثم قال: عادانا من كل شئ حتى الطيور الفاختة ومن الأيام الأربعاء (1).
أقول: في هذا الحديث رمز حسن يشير إلى أن كلا يميل إلى شكله ويفرح بنظيره، وينبعث طبعه، وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وآله: يعرف ولد الحرام بأكله للحرام (2)، وهذا أيضا رمز وهو أن ولد الحرام مادته من الحرام فهو يحب ما هو منه، وعدوهم من الرجل فهو لا يحب إلا مادته، ومحبهم ووليهم طينته منهم، وهي طينة خلق منها أولاد الحلال فلا يحبهم إلا ولد الحلال، وليس محبهم إلا ولد الحلال.
ومن ذلك ما رواه إسماعيل السندي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول لرجل من خراسان كان قدم إليه: كيف أبوك؟
فقال الرجل: بخير، فقال: فأخوك؟
قال: خلفته صالحا، فقال: قد هلك أبوك بعد خروجك بيومين، وأما أخوك فقتلته جاريته يوم كذا، وقد صار إلى الجنة، فقال الرجل: جعلت فداك، إن ابني قد خلفته وجعا، فقال: أبشر فقد برئ وزوجه عمه ابنته وصار له غلام وسماه عليا، وليس من شيعتنا، فقال الرجل: فما إليه من حيلة؟ فقال: كلا قد أخذ من صلب آدم أنه من أعدائنا فلا تغرنك عبادته وخشوعه (3).
ومن ذلك ما رواه جابر بن يزيد قال: كنا مع أبي جعفر عليه السلام في المسجد فدخل عمر بن عبد العزيز وهو غلام، وعليه ثوبان معصفران فقال أبو جعفر عليه السلام: لا تذهب الأيام حتى يملكها هذا الغلام، ويستعمل العدل جهرا والجور سرا فإذا مات تبكيه أهل الأرض ويلعنه أهل السماء (4).
ومن ذلك ما رواه أبو بصير قال: قال لي مولاي أبو جعفر عليه السلام: إذا رجعت إلى الكوفة يولد ولد تسميه عيسى، ويولد ولد وتسميه محمدا وهو من شيعتنا وأسماؤهما في صحيفتنا، وما يولدون إلى يوم القيامة، قال: فقلت: وشيعتكم معكم؟ قال: نعم، إذا خافوا الله واتقوه وأطاعوه (5).
ومن ذلك أنه دخل المسجد يوما فرأى شابا يضحك في المسجد فقال له: تضحك في المسجد

(١) بحار الأنوار: ٢٧ / ٢٧٢ ح ٢٥ بتفاوت.
(٣) بحار الأنوار: ٤٦ / ٢٤٣ ح ٣١ بتفاوت كبير.
(٤) بحار الأنوار: ٤٦ / ٢٥١ ح ٤٤ بتفاوت.
(٥) بحار الأنوار: ٤٦ / 274 ح 79.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 133 135 137 138 139 141 142 143 144 ... » »»