استدعاهم وكانوا مائة رجل، وقال للترجمان: قل لهم: إن لي عدوا يدخل علي الليلة فاقتلوه إذا دخل، فأخذوا أسلحتهم ووقفوا ممتثلين لأمره، فاستدعى جعفرا عليه السلام وأمره أن يدخل وحده، ثم قال للترجمان: قل لهم هذا عدوي فقطعوه، فلما دخل الإمام تعاووا عوي الكلاب، ورموا أسلحتهم، وكتفوا أيديهم إلى ظهورهم، وخروا له سجدا، ومرغوا وجوههم على التراب، فلما رأى المنصور ذاك خاف، وقال: ما جاء بك؟ قال: أنت، وما جئتك إلا مغتسلا محنطا، فقال المنصور: معاذ الله أن يكون ما تزعم، ارجع راشدا، فخرج جعفر عليه السلام والقوم على وجوههم سجدا، فقال للترجمان: قل لهم: لم لا قتلتم عدو الملك؟ فقالوا: نقتل ولينا الذي يلقانا كل يوم ويدبر أمرنا كما يدبر الرجل أمر ولده ولا نعرف وليا سواه، فخاف المنصور من قولهم فسرحهم تحت الليل، ثم قتله بعد ذلك بالسم (1).
ومن كراماته عليه السلام أن فقيرا سأله فقال لعبده: ما عندك؟ قال: أربعمائة درهم، فقال: أعطه إياها، فأعطاه، فأخذها وولى شاكرا، فقال لعبده: أرجعه، فقال: يا سيدي سألت فأعطيت، فماذا بعد العطاء، فقال له: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير الصدقة ما أبقت عني، وإنا لم نغنك فخذ هذا الخاتم فقد أعطيت فيه عشرة آلاف درهم، فإذا احتجت فبعه بهذه القيمة (2).
ومن ذلك من كتاب الراوندي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: علمنا غابر ومزبور، ونكث في القلوب، ونقر في الأسماع، وعندنا الجفر الأبيض والجفر الأحمر، ومصحف فاطمة والجامعة، فأما الغابر فعلم ما كان، وأما المزبور فعلم ما يكون، وأما النكث في القلوب فهو الإلهام، وأما النقر في الأسماع فهو حديث الملائكة، وأما الجفر الأحمر ففيه سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله، وأما الجفر الأبيض فوعاء فيه التوراة والإنجيل والزبور والكتب الأولى، وأما مصحف فاطمة ففيه ما يكون من الحوادث، واسم من يملك إلى يوم القيامة، وأما الجامعة ففيها جميع ما يحتاج الناس إليه حتى أرش الخدش، وعندنا صحيفة فيها اسم من ولد ومن يولد، واسم أبيه وأمه من الذر إلى يوم القيامة، ممن هو من أعدائنا، ذلك فضل الله علينا وعلى الناس (3).
ومن ذلك: ما رواه أحمد البرقي عن أبيه عن سدير الصيرفي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في النوم وبين يديه طبق مغطى، فدنوت منه وسلمت عليه، فكشف الطبق وإذا فيه رطب، فقلت: يا رسول