مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ١٥١
الفصل الحادي عشر في أسرار أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليهما السلام النور المستضئ فمن ذلك ما روي عنه أنه جئ به إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله بعد موت أبيه الرضا وهو طفل، فجاء إلى المنبر ورقى منه درجة، ثم نطق فقال: أنا محمد بن علي الرضا أنا الجواد، أنا العالم بأنساب الناس في الأصلاب، أنا أعلم بسرايركم وظواهركم، وما أنتم صائرون إليه، علم منحنا به من قبل خلق الخلق أجمعين، وبعد فناء السماوات والأرضين، ولولا تظاهر أهل الباطل ودولة أهل الضلال، ووثوب أهل الشك، لقلت قولا يعجب منه الأولون والآخرون. ثم وضع يده الشريفة على فيه وقال: يا محمد اصمت كما صمت آباؤك من قبل (1).
ومن ذلك ما رواه أبو جعفر الهاشمي قال: كنت عند أبي جعفر الثاني ببغداد فدخل عليه ياسر الخادم يوما وقال: يا سيدنا إن سيدتنا أم جعفر تستأذنك أن تصير إليها. فقال للخادم: إرجع فإني في الأثر، ثم قام وركب البغلة وأقبل حتى قدم الباب، فخرجت أم جعفر أخت المأمون فسلمت عليه وسألته الدخول على أم الفضل بنت المأمون، وقالت: يا سيدي أحب أن أراك مع ابنتي في موضع واحد فتقر عيني، قال: فدخل والستور تشال بين يديه فما لبث أن خرج راجعا وهو يقول:. فلما رأينه أكبرنه.
قال: ثم جلس فخرجت أم جعفر تعثر ذيولها، فقالت: يا سيدي أنعمت علي بنعمة فلم تتمها، فقال لها: أتى أمر الله فلا تستعجلوا، إنه قد حدث ما لم يحسن إعادته فارجعي إلى أم الفضل فاستخبريها عنه. فرجعت أم جعفر فعادت عليها ما قال، فقالت: يا عمة وما أعلمه بذاك عني، ثم قالت: كيف لا أدعو على أبي وقد زوجني ساحرا، ثم قالت: والله يا عمة إنه لما طلع على جماله حدث لي ما يحدث للنساء فضربت يدي إلى أثوابي فضممتها، فبهتت أم جعفر من قولها ثم خرجت مذعورة، وقالت: يا سيدي وما حدث لها.
قال: (هو من أسرار النساء).

(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 151 152 154 155 156 157 ... » »»