مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ١٣٧
الفصل السابع (في أسرار أبي جعفر الباقر عليه السلام) فمن ذلك ما رواه محمد بن مسلم قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام إذ وقع إليه ورشانان ثم هدلا فرد عليهما فطارا، فقلت: جعلت فداك ما هذه؟ فقال: هذا طائر ظن في زوجته سوءا فحلفت له فقال لها: لا أرضى إلا بمولاي محمد بن علي عليه السلام، فجاءت فحلفت له بالولاية أنها لم تخنه فصدقها، وما من أحد يحلف بالولاية إلا صدق إلا الإنسان، فإنه حلاف مهين (1).
ومن ذلك ما رواه ميسر قال: قمت بباب أبي جعفر فخرجت جارية جلاسية فوضعت يدي على رأسها فناداني من أقصى الدار: ادخل لا أبا لك فلو كانت الجدران تحجب أبصارنا عنكم كما تحجب أبصاركم لكنا نحن وإياكم سواء (2).
ومن ذلك ما رواه محمد بن مسلم قال: خرجت مع أبي جعفر عليه السلام إلى مكان يريده فسرنا، وإذا ذئب قد انحدر من الجبل وجاء حتى وضع يده على قربوس السرج، وتطاول فخاطبه فقال له الإمام عليه السلام: إرجع فقد فعلت، قال: فرجع الذئب مهرولا، فقلت: يا سيدي ما شأنه؟ فقال: ذكر أن زوجته قد عسرت عليها الولادة فسأل لها الفرج وأن يرزقه الله ولدا لا يؤذي دواب شيعتنا، فقلت له: إذهب فقد فعلت، قال: ثم سرنا، وإذا قاع محدب يتوقد حرا، وهناك عصافير يتطايرون، ودرن حول بغلته فرجوها، وقال: لا ولا كرامة، قال: ثم سار إلى مقصده، فلما رجعنا من الغد وعدنا إلى القاع وإذا العصافير قد طارت ودارت حول بغلته ورفرفت، فسمعته يقول: اشربي وارتوي، قال:
فنظرت، وإذا في القاع ضحضاح (3) من الماء، فقلت: يا سيدي بالأمس منعتها واليوم سقيتها؟
فقال: اعلم أن اليوم خالطتها القنابر فسقيتها، ولولا القنابر لما سقيتها، فقلت: يا سيدي، وما الفرق بين القنابر والعصافير؟ فقال: ويحك أما العصافير فإنهم موالي الرجل (4) لأنهم منه، وأما القنابر فإنهم موالينا أهل البيت، وإنهم يقولون في صفيرهم: بوركتم أهل البيت عليهم السلام، وبورك شيعتكم،

(١) بحار الأنوار: ٦٥ / ٢٤ ح ٠٤.
(٢) بحار الأنوار: ٤٦ / ٢٤٨ ح ٤٠ وفيه لا أم لك.
(٣) الضحضاح في الأصل مارق من على وجه الأرض ما بلغ الكعبين (النهاية).
(4) في البحار: عمر.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 133 135 137 138 139 141 142 143 ... » »»