وجهة الأحكام، ليعلم مكلفها الوجه الذي عليه يصح التصرف مما لا يصح.
فوضح ذلك علمنا ضرورة من حال فاعل العبادات الشرعية ومجتنب المحرمات كونه أقرب لنا، للإنصاف والصدق وشكر النعمة ورد الوديعة وسائر الواجبات، والبعد من الظلم والكذب وسائر القبائح.
ومن حال فاعل المحرمات الشرعيات والمخل بالعبادات، كونه أقرب [من] (1) القبيح العقلي وأبعد من الواجب.
ولا شبهة أن من بلي بالتجارة فلم يعلم أحكام البيوع، لم يكن على يقين من صحة التملك.
وكذلك من بلي بالإرث مع جهله بأحكام المواريث، لا يكون على ثقة مما يأخذ ويترك.
وكذلك يجري الحال في سائر الأحكام، وقد استوفينا الكلام في هذا القدح في مقدمة كتاب (2) " العمدة " و " التلخيص " في الفروع، وفي كتابي " الكافي في التكليف " وفيما ذكرناه هاهنا بلغة.
ولا طريق إلى إثبات الأحكام الشرعية والعمل بها إلا العلم دون الظن، لكون التعبد بالشرائع مبنيا على المصالح التي لا يوصل إليها بالظن، ولا سبيل إلى العمل بجملتها إلا من جهة الأئمة المنصوبين لحفظها، المعصومين في القيام بها، المأمونين في أدائها، لحصول العلم بذلك من دينهم لكل مخالط، وارتفاع الخوف من كذبهم لثبوت عصمتهم عليهم السلام.
ولا بد في هذا التكليف من داع وصارف، وذلك مختص بالمستحق عليه من المدح والثواب والذم والعقاب والشكر.
فالمدح: هو القول المنبئ عن عظم حال الممدوح، وهو مستحق بفعل الواجب والمندوب واجتناب القبيح.
والثواب: هو النفع المستحق الواقع على جهة التعظيم والتبجيل، وهو مستحق من الوجوه الثلاثة بشرط المشقة.