فصل من كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله روى جابر بن عبد الله، عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا تجلسوا إلا عند كل عالم، يدعوكم من خمس إلى خمس: من الشك إلى اليقين، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الرغبة إلى الرهبة، ومن الكبر إلى التواضع، ومن الغش إلى النصيحة.
وقال الحواريون لعيسى عليه السلام: لمن نجالس؟ فقال: من يذكر كم الله رويته، ويرغبكم في الآخرة عمله، ويزيد في منطقكم علمه.
وقال لهم: تقربوا إلى الله بالبعد من أهل المعاصي، وتحببوا إليه ببغضهم، والتمسوا رضاه بسخطهم.
وقال لقمان لابنه: يا بني، صاحب العلماء، وأقرب منهم، وجالسهم، وزرهم في بيوتهم، فلعلك تشبههم فتكون معهم، واجلس مع صلحائهم، فربما أصابهم الله برحمة فتدخل فيها وإن كنت طالحا، وأبعد من الأشرار والسفهاء، فربما أصابهم الله بعذاب فيصيبك معهم وإن كنت صالحا، وقد أفصح الله سبحانه وتعالى بقوله: ﴿فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين﴾ (١)، وبقوله تعالى: ﴿إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذن مثلهم﴾ (٢) يعني في الإثم، وقال سبحانه: ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار﴾ (3).
وروى معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: " إن من فتنة المرء أن يكون الكلام أحب إليه من الاستماع، ففي الكلام تمويه وزيادة، ولا يؤمن على صاحبه الخطأ، وفي الصمت سلامة وأجر.
ومن العلماء من يخزن علمه ولا يحب أن يوجد عند غيره، فهو في الدرك الأول من النار.
ومنهم من يكون في علمه بمنزلة السلطان، إن رد عليه في شئ من علمه غضب، فهو في الدرك الثاني من النار.