أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ٢٧٤
ولو أن محزونا بكى في أمة، لرحم الله تلك الأمة ببكائه. ومع ذلك يجب بسط الرجاء في رحمة الله فإنها واسعة، وربما غلب الرجاء على الخوف، وذاك أن مستقى الرجاء من بحر الرحمة، وقد سبق في قضائه وحكمته: أن رحمته سبقت غضبه.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ما من عبد مؤمن تخرج من عينه دموع، ولو مثل رؤوس الذباب من خشية الله، إلا حرمه الله على النار، وما من قطرة أحب إلى الله تعالى من قطرة دمع من خشية الله، وقطرة دم في سبيل الله ".
وقال: " لا يدخل الجنة إلا رحيم " فقيل: كلنا نرحم يا رسول الله، فقال:
" ليس رحمة أحدكم في خويصة أهله حتى يرحم الناس عامة ".
وقال صلى الله عليه وآله: " اطلبوا الحوائج عند رحماء أمتي تفلحوا - أو تنجحوا - فإن رحمة الله لهم، ولا تطلبوا الحوائج عند القاسية قلوبهم فتذلوا فتندموا، فإن غضب الله عليهم ".
وقال أمير المؤمنين عليه السلام لولده الحسن عليه السلام: " يا بني، إذا نزل بك كلب الزمان (1) وقحط الدهر، فعليك بذوي الأصول الثابتة، والفروع النابتة، من أهل الرحمة والإيثار والشفقة، فإنهم أقضى للحاجة، وأمضى لدفع الملمات، وإياك وطلب الفضل واكتساب الطساسيج (2) والقراريط، من ذوي الأكف اليابسة والوجوه العابسة، فإنهم إن أعطوا منوا، وإن منعوا كدوا، ثم أنشأ يقول:
واسأل العرف إن سألت كريما * لم يزل يعرف الغنى واليسارا فسؤال الكريم يورث عزا * وسؤال اللئيم يورث عارا وإذا لم تجد من الذل بدأ * فالق بالذل إن لقيت الكبارا ليس إجلالك الكبار بعار * إنما العار أن تجل الصغارا " (3) وقال عليه السلام: " العلل زكاة البدن، والمعروف زكاة النعم (4)، وكل نعمة أنيل منها المعروف فمأمونة السلب، محصنة من الغير ".

١ - كلب الزمان: شدته " الصحاح - كلب - ١: ٢١٤ ".
٢ - الطساسيج: جمع طسوج وهو جزء من أجزاء الدانق العملة المعروفة أيامئذ. انظر " الصحاح - طسج - ١: ٣٢٧ ".
٣ - أخرجه المجلسي في بحار الأنوار ٩٦: ١٥٩ / ٣٨ عن أعلام الدين.
٤ - أخرجه المجلسي في بحار الأنوار ٩٦: ١٣٦ / 69 عن أعلام الدين.
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»