لا بصيرة لهم، فيصير رئيسا عليهم، ويصعب عليه مفارقة عز التقدم عليه (1).
ومنها: محبة أسهل المذاهب، ذي الرخص في ارتكاب الفواحش واللذات، استصعابا للعلم، واستثقالا للعمل، وميلا إلى الراحة، ورغبة في الإباحة، ولهذا يسرع كثير من الناس إلى مذاهب الغلاة والمسقطين للتكليف والأعمال، وقد جذبهم إلى ذلك انضمامهم في المودات والمخالطات، فبادر نحوهم الراغب في هذا الشأن، وانضم إليهم كل فقير محتاج، قليل الدين.
ومنها: اتباع الأكثر، والكون في جملة السواد الأعظم، استيحاشا من القلة، وهذا مما ضلت به الحشوية.
ومنها: الاشتغال بأمور الدنيا عن الدين، والانقطاع إلى مخالطة التجار والمتكسبين، حتى تلهي الإنسان دنياه عن النظر في الآخرة، فلا يجعل لنفسه وقتا من زمانه يهتم فيه لأمر دينه.
ومنها: عدم مجالسة العلماء، وترك الاطلاع في الدلائل العقليات، واستماع أقوال الجاهلية الأغنياء، والاقتصار على الحكايات والخرافات.
ومنها: إن الجاهل يرى التقليد في الدين، أروح له من طلب العلوم والبحث فيها، وهذا يورث العمى والصمم.
ومنها: قبول قول آحاد أخبار السمع، التي لا توجب علما ولا عملا، حتى تألفه النفس، ويميل إليه الطبع، فلا يكاد الإنسان يرتاح إلا إليه، ولا يعتمد إلا عليه.
ومنها: محبة المذهب الغريب.
ومنها: الأخذ بالقول المستطرف العجيب، لا سيما إذا كان مصونا بين أهله، مكتوما عند العاملين به، حتى يظن المعتمد عليه أنه قد ظفر بالبغية، ووجد الدرة المكنونة، وهذا يحول بين المرء والرشاد، ويسوقه إلى الضلال والفساد، فإن اجتمع له مع هذا الجهل سببان أو أسباب، عظمت به المحنة والرزية، وتعذر عليه الصواب. ثم إن العادة هي الآفة الكبرى، والداهية العظمى، وهي الطبع الثاني، والخلق الثابت.
فاحترز - يا أخي - من هذه الأخطار، وفقك الله وسددك، وهداك وأرشدك، ولا تأنس بشئ منها عن ادراك الحقائق، وكن فطنا متيقظا حذرا متحفظا