أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ١٩٥
وأردف خلفي، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
يا أبا ذر، حب المال والشرف مذهبة لدين الرجل.
فقلت: يا رسول الله، الخائفون الخاضعون المتواضعون الذاكرون الله كثيرا، يسبقون الناس إلى الجنة؟
فقال: لا، ولكن فقراء المؤمنين، فإنهم يأتون فيتخطون رقاب الناس، فيقول لهم خزنة الجنة: كما أنتم حتى تحاسبوا. فيقولون: بما نحاسب! فوالله ما ملكنا فنجور ونعدل، ولا أفيض علينا فنقبض ونبسط، وكنا نعبد ربنا حتى أتانا اليقين.
يا أبا ذر، الدنيا مشغلة القلب والبدن، وإن الله عز وجل يسأل أهل الدنيا عما يعملون في حلالها، وكيف ينعمون في حرامها؟.
يا أبا ذر، إني سألت الله عز وجل أن يجعل رزق من أحبني الكفاف، ويعطي من يبغضني المال والولد.
يا أبا ذر، طوبى للزاهدين في الدنيا، والراغبين في الآخرة، الذين اتخذوا أرض الله بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، واتخذوا الكتاب شعارا، والدعاء لله عز وجل دثارا.
يا أبا ذر، إن ربي تبارك وتعالى أخبرني فقال: وعزتي وجلالي، ما أدرك العابدون درك البكاء عندي شيئا وإني لأبنين لهم في الرفيق الأعلى قصرا لا يشركهم فيه أحد.
قال: فقلت: يا رسول الله، أي المؤمنين أكيس؟
فقال: أكثرهم للموت ذكرا، وأحسنهم له استعدادا.
يا أبا ذر، إذا دخل النور القلب انفتح القلب واتسع واستوسع.
قلت: فما علامة ذلك - بأبي أنت وأمي - يا رسول الله؟
قال: الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله.
يا أبا ذر، اتق الله، ولا يرى الناس أنك تخشاه فيكرموك وقلبك فاجر.
يا أبا ذر، ليكن لك في كل شئ نية [صالحة حتى] (1) في النوم والأكل.

1 - أثبتناه من مكارم الأخلاق.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»